هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

الباب (الخامس) من المقصد الرابع: (في مفهومات الخطاب)

صفحة 107 - الجزء 3

  يكونان على تقدير الأولوية أو المساواة⁣(⁣١)، وقد شرط عدمهما⁣(⁣٢).

  وتقرير الثانية أن يقال: لو لم يكن التعليق بالصفة دالاً لغة على نفي الحكم فيما


= أن السائمة لدفع توهم خروجها عن العموم فهم منه أن لفظ الغنم عام للمعلوفة والسائمة مع ذكر السائمة، وهذا إنما يتم إذا كان التقدير في الغنم سيما السائمة كما ذكره في شرح المختصر⁣[⁣١] ليستقيم الكلام؛ إذ لو لم يكن التقدير هكذا لكان المعنى: في الغنم الشاملة لهما السائمة⁣[⁣٢]، فيكون ذكر السائمة بعد هذا لغواً يصان عنه كلام الحكيم، وإذا كان التقدير ما ذكره في شرح المختصر كان الحكم في السائمة أولى، ومع احتمال الأولوية يكون الكلام مجملا في المفهوم ولا يقضى فيه بموافقة ولا مخالفة كما سبق، فعدم اعتبار مفهوم المخالفة حينئذ لانتفاء شرط العمل به. وأما شارح المختصر فخلاصة ما أجاب به أن شمول لفظ الغنم الموصوفة بالسائمة للمعلوفة والسائمة مما لم يقل به أحد وإن كان الغنم بدون التقييد بالسائمة عاماً متناولا لهما بالاتفاق.

(قوله): «أو المساواة» يحتمل عود هذا إلى القياس فقط، ويحتمل عود كل من الأولوية والمساواة إلى كل من العموم والقياس؛ إذ قد يكون حكم الفرع في القياس الأولى.


(١) بين الإبل والغنم في علة القياس. (جلال على المختصر).

(٢) في التحرير وشرحه لابن الهمام: ودفع الثاني بأن شرطنا في دلالته أي: التخصيص على نفي الحكم عن المسكوت (عدم المساواة في المناط) أي: عدم مساواة المسكوت للمنطوق في الحكم (والرجحان) أي: وعدم كونه أولى من المنطوق به، وثواب الاجتهاد إنما يتصور فيما إذا كانا متساويين في العلة، وإلحاق المسكوت في الحكم المسكوت بالمنطوق بدلالة النص إنما يكون عند الرجحان.


[١] ولفظ المحقق الجلال في تقرير كلام المختصر: واعترض الدليل القائل لو لم يدل على المخالفة لم يكن لتخصيص محل النطق بالذكر فائدة بأن فائدته - أي: فائدة ذكر الوصف - تقوية الدلالة على كون المتصف به محكوماً عليه أو محكوما فيه حتى لا يتوهم تخصيص من له الصفة وإخراجه عن الحكم لو لم يعنون بصفته، وأجيب بأن الذي جعلتموه فائدة فرع كون الخلاف مقصوراً على ألفاظ صفة العموم لا قائل به، بل الخلاف في صفة العام وغيره حتى في الصفة المقدرة كما تقدم، وبعض الأفاضل - عنى به العضد - قرر هذا الجواب بأن التخصيص فرق بقاء العموم بعد ذكر الصفة، ولا قائل به في قولنا: في الغنم السائمة زكاة، إنما العموم قبل ذكر السائمة، وفيه أن الخصم لم يدع العموم بعد الوصف، إنما ادعى أنه لو أسقط الوصف لجاز إخراج السائمة عن الحكم بمخصص، فإذا نص عليها لم يجز إخراجها، والنص عليها لا يستلزم إخراج المعلوفة عن الحكم كما هو مدعى مثبت المفهوم.

[٢] ينظر، فالظاهر أن المعنى في الغنم الشاملة للسائمة، ولا لغو على هذا في لفظ هذا السائمة؛ إذ مع كونه متضمناً فقط يندفع بالتصريح به التوهم المذكور، ولعل العلة في اشتراط الأولوية لصحة العموم هنا أنه لو لم يحمل عليها لكان الظاهر العكس، أعني يتوهم عند الإطلاق تخصيص السائمة بالحكم لمناسبته لشرع الحكم فلا تدخل فيه المعلوفة بالأولى كما ذكره المعترض، بخلاف إرادة المعلوفة فلا تدخل السائمة إلا بالطريق الأولى، فلا بد فيه منها، يعني بها الطريق المذكورة. (حسن بن يحيى الكبسي، عن خط العلامة أحمد بن محمد السياغي).