هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

الباب (الخامس) من المقصد الرابع: (في مفهومات الخطاب)

صفحة 117 - الجزء 3

  قلنا: ممنوع، فإن المفهوم دليل ظني⁣(⁣١)، فإذا قام قاطع⁣(⁣٢) بخلافه لم يقو المفهوم على معارضته (فإن القاطع يدفع الظاهر) فلا يقع تعارض بين الطرفين⁣(⁣٣)، ولو سلم أن ثبوته يستلزم التعارض قلنا: لكن التعارض وإن كان خلاف الأصل فإنه يجب المصير إليه عند قيام الدليل كما أن الأصل البراءة ويجب مخالفتها للدليل، وهو أكثر من أن يحصى.

  واعلم أن هذه الشبهة قد تقرر على وجه يندفع معه الجوابان، وهو أنه لو كان دليل الخطاب ثابتاً لزم التعارض عند ثبوت دليل الخلاف وهو خلاف الأصل، وإذا لم يثبت لم يلزم، وما يفضي إلى خلاف الأصل مرجوح بالنسبة إلى ما لا يفضي إليه، والمرجوح منتف ما لم يقم عليه دليل، فإن أقام القائل بدليل الخطاب عليه دليلاً صح دليلنا، وكان دليله معارضة، والمعارضة لا تقدح في صحة الدليل.


(قوله): «قلنا لكن التعارض» يعني أنا وإن سلمنا الملازمة أجبنا بمنع بطلان اللازم، وهو أن التعارض وإن كان ... إلخ.

(قوله): «هذه الشبهة» أي: الثالثة.

(قوله): «الجوابان» يعني منع الملازمة ومنع انتفاء اللازم.

(قوله): «وإذا لم يثبت» أي: المفهوم «لم يلزم» أي: التعارض.

(قوله): «وما يفضي إلى خلاف الأصل» وهو التعارض بمعنى تقابل الدليلين في الجملة، لا بمعنى تقابل الدليلين المتساويين في القوة حتى يرد منع لزومه، ذكره السعد.

(قوله): «بالنسبة إلى ما لا يفضي إليه» وهو عدم ثبوت المفهوم.

(قوله): «صح دليلنا» على انتفاء المفهوم، وهو الإفضاء إلى خلاف الأصل.


(١) فيترجح المنطوق عليه. (فصول بدائع).

(٢) يريد بالقاطع {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} مع قوله تعالى: {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً}⁣[آل عمران: ١٣٠]، إلا أن الربا في: وأحل الله البيع ... إلخ عام فهو ظني الدلالة حكمه حكم الآية الأخرى، فينظر في القطع بقيام القاطع، اللهم إلا أن يقال: هذا مبني على مذهب الحنفية في العام.

(٣) وفي نسخة: من الطرفين، ومثلها ومثل ما في الأصل في نسخ العضد.