الباب (الخامس) من المقصد الرابع: (في مفهومات الخطاب)
  المشتمل على التقديم فهم(١) نسبة التخصيص(٢) والحصر، وأما من ليس له هذه القوة فربما أنكره مع كمال قوته الإدراكية في المعقولات والمنقولات كابن الحاجب، وكما روي عن بعض العلماء أنه كان إذا سئل عن فائدة تقديم في التنزيل أجاب بأنه فاعل مختار يفعل ما يشاء.
  واعلم أنه إذا وجد في الكلام التقديم مع إنما ففيه تفصيل(٣)، وهو: أنه إن أمكن تقدير الكلام بما وإلا من غير تغيير لأجزائه عن وضعها وإعرابها كقولك: إنما تميمي أنا، كان القصر مستفاداً من إنما، وتقديم الخبر هنا كتقديمه في: ما تميمي إلا أنا، وذلك لتأخر التقديم وكونه أضعف في إفادة القصر.
  وإن لم يمكن ذلك كما في: «إنما زيداً ضربت» كان القصر مستفاداً من التقديم؛ لأنه في معنى: ما ضربت إلا زيداً، فيكون المقصور عليه زيداً، وإنما مؤكد لذلك القصر نظراً إلى أن زيداً هو الجزء الأخير رتبة(٤)؛ إذ لا يمكن تقديره بما وإلا إلا بتأخير زيد كما لا يخفى، ومن البين في ذلك قوله:
(قوله): «كابن الحاجب» أخذ له ذلك من قوله في شرح المفصل: إن تقديم الله أحمد للاهتمام وما يقال: إنه للحصر لا دليل عليه.
(قوله): «عن وضعها» أي: الأجزاء من التقديم والتأخير.
(قوله): «وإعرابها» يعني الإعراب الذي كانت عليه مع إنما.
(قوله): «لتأخر التقديم» يعني تأخره لفظاً عن إنما[١].
(قوله): «وإن لم يمكن ذلك» أي: تقدير الكلام من غير تغيير.
(١) منه، وهو ثابت في شرح المفتاح.
(٢) كذا في النسخ نسبة التخصيص ... إلخ، وظنن القاضي محمد بن إبراهيم السحولي عليه بلفظ: بسببه.
(٣) هو للمحقق الشريف، ذكره في حاشية شرح المفتاح، وخالفه السعد فيه.
(٤) جواب لما يقال: إن إنما تفيد القصر في الجزء الأخير، وهنا القصر في الجزء الأول وهو زيد فكيف تصلح إنما لأن تؤكده؟ (من خط السيد حسين الأخفش).
[١] المراد تأخره في إفادة الحصر فتأمل. (أحمد بن صالح أبي الرجال، ح عن خط شيخه).