(الباب السادس من المقصد الرابع في) مباحث (الناسخ والمنسوخ)
  لكن على سبيل التوزيع(١) (من غير تخصيص) بالبنات والبنين في زمانه (ولا تقييد) بوقت دون وقت، والاحتمالات التي لم تنشأ عن دليل بل ينفيها ظاهر الدليل يجب نفيها، (ثم) جاء (التحريم) لذلك (اتفاقاً) بيننا وبينهم، وهو النسخ (و) منها وهو أول الادلة الخاصة بمنكري النسخ من المسلمين(٢): (قوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا)(٣) نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}[البقرة: ١٠٦] وهي ظاهرة في الوقوع.
  واعترض: بأنها جملة شرطية معناها: إن ننسخ نأت، وصدقها لا يتوقف على صدق الطرفين، كقوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ٨١}[الزخرف]، وأجيب بأن سبب(٤) النزول يدل على الوقوع، قال المفسرون: إن
(قوله): «لكن على سبيل التوزيع» والتقسيم للبنات على البنين، بأن يكون لكل واحد واحدة من النبات.
(١) التوزيع: تزويج توأمة أحد البطنين توأم البطن الآخر.
قال السيد أحمد في شرح الأساس: وذلك أن الله تعالى أباح نكاح الأخت من أولاد آدم للأخ الذي لم يكن توأماً لها، أي: لم يولد معها في بطن واحد، وروي أن حواء ولدت قابيل وأخته في حمل واحد، وهابيل وأخته في حمل واحد، وكانت توأمة قابيل أحسن من توأمة هابيل، فأوحى الله إلى آدم أن زوج هابيل توأمة قابيل، وكان ذلك من أسباب حسد قابيل لهابيل مع ما حكى الله تعالى من تقريب القربان، وأما رواية من روى أن الله سبحانه أخرج لولدي آدم زوجتين من حور الجنة فغير صحيحة. (بلفظه).
(٢) لا من اليهود؛ إذ لا يتم الاستدلال عليهم بالآية ونحوها.
(٣) في الكشاف: أو ننسأها، وقرئ: نُنْسِها ونُنَسِّها بالتشديد، إلى أن قال: ونسؤها تأخيرها وإذهابها لا إلى بدل، وإنساؤها أن يذهب بحفظها عن القلوب. اهـ ما أريد نقله. وقال عبدالله بن الحسين بن القاسم في كتاب الناسخ والمنسوخ: أي ما نبدل من حكم آية بالنسخ له نأت بخير منها، أو ننسها أي: نتركها بحالها لا نغير شيئاً مما حكمنا به فيها. وفيها تقديم وتأخير وحذف، والمعنى ما ننسخ من آية نأت بخير منها أو مثلها، وما ننسها أي: نتركها ولا نغير حكمها فلمصلحة وحكمة في إبقائها على حالها، ذكره السيد أحمد الشرفي في شرح الأساس.
(٤) وبهذا يظهر سقوط ما قيل: إن المراد بالآية المعجزة كانشقاق القمر وتسبيح الحصى، فنسخها إزالتها، والله أعلم. (من خط قال فيه: من خط الحسين بن حسن الأخفش).