هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(الباب السادس من المقصد الرابع في) مباحث (الناسخ والمنسوخ)

صفحة 139 - الجزء 3

  بالمعجزات، وقد نَقَلَ لنا عن الله تعالى أنه قال: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا ...} الآية [البقرة: ١٠٦].

  فإن قيل: الخصم إنما⁣(⁣١) يُستدَل عليه بما يُسَلِّم مقدماته.

  قلنا: لا يستدل على الخصم بما لا يعتقده فيما له فيه شبهة، وأما ما لا شبهة له فيه بل ثبوته كثبوت المحسوسات فلا يلتفت إلى عدم اعتقاده فيه.

  (و) منها: (نسخ) وجوب (التوجه) إلى بيت المقدس، فإنه كان ثابتاً بالإجماع فنسخ بوجوب التوجه إلى الكعبة.

  (و) منها: (الوصية للأقربين) فإنها كنت واجبة بقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ}⁣[البقرة: ١٨١]، ثم نُسِخَتْ إجماعاً⁣(⁣٢)، وغير ذلك كثير، كنسخ صوم يوم عاشوراء⁣(⁣٣) بصوم رمضان، ونسخ وجوب تقديم الصدقة بين يدي مناجاة الرسول ÷، ووجوب التربص حولا كاملاً في حق المتوفى عنها زوجها بأربعة أشهر وعشر، ووجوب ثبات الواحد للعشرة المستفاد من قوله تعالى: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُون ...} الآية [الأنفال: ٦٥] بقوله تعالى: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ ...} الآية [الأنفال: ٦٦].

  ولما فرغ من أدلة المذهب الصحيح شرع في بيان شبه المخالف وأجوبتها فقال


(قوله): «بما يسلم مقدماته» أي: مقدمات الاستدلال عليه، وهي هنا ثبوت نبوة محمد ÷ وتصديقه بالمعجزات والنقل عن الله تعالى.


(١) لعل ورود هذا السؤال على سبيل المساهلة وإرخاء العنان، وإلا فبعد ثبوت النبوة بما ذكر صار إنكار المقدمات إنكاراً للضرورة، والله اعلم. (مغربي).

(٢) إما بآية المواريث: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ...}⁣[النساء: ١١]، وإما بقوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْن}⁣[النساء: ١١]، وإما بقوله ÷: «لا وصية لوارث».

(٣) الأحسن وجوب صوم.