هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(الباب السادس من المقصد الرابع في) مباحث (الناسخ والمنسوخ)

صفحة 151 - الجزء 3

  تأويله بأن المراد من فرض الخمسين أن المفروض من الصلوات الخمس ثوابه ثواب الخمسين، وبَيِّن ذلك بالاقتصار على الخمس قبل وقت الإمكان، ويتأيد هذا التأويل⁣(⁣١) بأن حديث المعراج متأخر عن شرع الصلاة، فإن المشهور⁣(⁣٢) أن


(قوله): «بأن المراد من فرض الخمسين أن المفروض من الصلوات الخمس ثوابه ثواب الخمسين» فيكون المراد بأنه تعالى فرض على الأمة خمسين أنه جعل ثواب الخمسين للخمس، وهذا اللفظ مجمل في تأدية هذا المراد، لكن قد بين بالاقتصار على الخمس في قوله: «هي خمس وهن خمسون»، وهذا البيان قبل وقت الإمكان، أي: قبل بلوغ فرض الخمس على المكلفين، وهو جائز، إنما الممتنع النسخ قبل وقت الإمكان لا البيان قبله، وحينئذ فلم يفرض قدر الخمسين حتى يلزم النسخ قبل الإمكان، بل إنما فرض الخمس فقط، لكن يقال: هذا التأويل لا يناسبه قول موسى #: أمتك لا تطيق؛ لإشعاره بأن المفروض قدر الخمسين، والجواب أن هذا القول منه # بناء على ما فهم من ظاهر اللفظ قبل البيان بأن المراد ثواب الخمسين، وجاز ذلك لكون موسى # ليس ممن أمر بالتبليغ إليه، لا يقال: فما معنى نقصها خمساً خمساً فإن الظاهر أنه نقص للقدر؛ لأنه يقال: معناه نقص ثوابها على حسب تفاوت حال المكلفين في التحفظ في الصلاة عن الخواطر القلبية وفي التوجه فيها إلى الله تعالى، كما ورد في الحديث: يكتب له نصفها ربعها خمسها حتى ينتهي إلى عشرها وهي خمس صلوات، قلت: ولا يخفى ما في هذه التأويلات من التكلف، والأقرب ما ذكره الإمام المهدي # في المنهاج حيث قال: قلت: وينبغي حمل الخبر على أنه تعالى لم يكن قد فرض ما زاد على الخمس ولا أمر بها على سبيل الحتم والجزم بل أمر نبيه أن يعرض على أمته التكليف الخمسين، فلما أخبر موسى # فهم أنها تثقل عليهم فأشار بما أشار حتى وقفت على الخمس فحتمها وأمضاها، قال: وهذا محمل حسن.


(١) ولو قيل: إنه ø أمره بها أمراً مشروطاً بقبوله وعدم مراجعته فلم ينبرم الأمر حينئذ نحو: جوابه في السؤال عن فريضة الحج: «اتركوني ما تركتكم» أو كما قال لم يبعد.

(*) قال السهيلي⁣[⁣١] في حديث المعراج: إنما نسخ التبليغ به عن رسول الله ÷ الواجب عليه، وأما الامة فلم ينسخ عنهم فيه حكم. وقيل: إنما ذلك خبر لا نسخ فيه ولا تعبد، وأخبر الله نبيه أن على أمته خمسين صلاة في اللوح المحفوظ وهي خمس لكن الحسنة بعشرة أمثالها فتأمل. فتأولها ÷ أنها خمسون بالفعل لأن ثوابها ثواب خمسين وهي خمس، ولم يزل يراجع ربه حتى بين له أنها خمسون لا بالعمل.

(٢) ذهب جماعة إلى أنه لم يكن قبل الاسراء صلاة مفروضة إلا ما كان وقع به الأمر من صلاة الليل من غير تحديد، وذهب الحربي إلى أن الصلاة كانت مفروضة =


[١] لفظ السهيلي في الروض الأنف: ولكن المنسوخ ما ذكرنا من حكم التبليغ الواجب عليه قبل النسخ وحكم الصلوات الخمس في خاصته، وأما أمته فلم ينسخ عنهم حكم ... إلى أن قال: والوجه الثاني: أن يكون هذا خبراً لا تعبداً، وإذا كان خبراً لم يدخله النسخ، ومعنى الخبر أنه # أخبره ربه أن على أمته خمسين صلاة، ومعناه أنها خمسون في اللوح المحفوظ ... إلى أن قال: فتأوله رسول الله ÷ على أنها خمسون بالفعل فلم يزل يراجع ربه حتى بين له أنها خمسون في الثواب لا بالعمل.