هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(الباب السادس من المقصد الرابع في) مباحث (الناسخ والمنسوخ)

صفحة 165 - الجزء 3

  في: صوموا أبداً (بخلاف تأبيده نصاً) كما في: الصوم⁣(⁣١) واجب مستمر أبداً فإنه لا يجوز بالاتفاق. ومفهوم قوله: «نصاً» أن تأبيده على جهة الظهور دون النص غير مانع⁣(⁣٢) كما في نحو: صوم رمضان يجب أبداً.

  وإنما جوزه الجمهور في الصورتين (لأن أبدية الفعل) المكلف به (وعدم أبدية التكليف) به (لا يتنافيان)⁣(⁣٣) لأن أبدية الفعل إنما ينافيه ويناقضه عدم


(قوله): «في الصورتين» وهما تأبيد محل الحكم وتأبيده على جهة الظهور.


= بالظهور جاز النسخ، بخلاف ما إذا كان التناول بالنصوصية في التخصيص والنسخ معاً لم يجز شيء منهما، كما إذا قيل: جاء زيد وعمرو وبكر لم يجز إلا بكراً، والصوم واجب مستمر أبداً لم يجز النسخ لبعض الِأزمان لأجل التنصيص، وإلا جاز وكان التخصيص والنسخ قرينة دالة على أن المراد بالظاهر خلاف ظاهره ويكون مجازاً، ولنا أيضاً أن التمكن من الفعل وبقاء المصلحة فيه ونحوهما شرط في التكليف بالحكم المؤبد، ولا شك في عدم دومهما وانقطاعهما، وعدم دوام الشرط ينفي دوام المشروط؛ إذ لا يتحقق المشروط بدون شرطه، فينتفي دوامه ويكون المراد به خلاف ظاهره، وحينئذ فيكون كالمطلق المتناول للأزمان بالظهور فلا مانع من نسخه. (من شرح جحاف).

(١) في المختصر: بخلاف الصوم واجب مستمر أبداً. قال عليه في نجاح الطالب ما لفظه: يقال: التعميم لا يجيء من نفس الذات، إنما هو من العوارض، فهو هنا بالنظر إلى عارض الظرفية الزمانية، ومعناه أوجبت الصوم في كل وقت، فهو مثل غيره من العمومات يقبل التخصيص والنسخ، وكذلك إذا أخبر بأن الوجوب ثابت في كل وقت صح أن يقال: إلا عشرة أوقات من أوله أو من آخره أو من وسطه، فيصح أن يدخله النسخ؛ لأنه في التحقيق تخصيص في الأوقات.

وقال بعضهم: فرق المصنف بين الأمرين لأن الذي منعه خبر فيمتنع نسخه، والذي أجازه إنشاء، والجواب أنه إنما يمتنع في الخبر حيث يكون خبر الجملة الخبرية نصاً ومعنى محدوداً بحيث يلزم التناقض، أما إذا كان عموماً فلا تناقض، فتبين لك أن الفرق مبني على وهم، وهو خرق متسع؛ إذ يجري على منع نسخ كلما هو خبر بأي عبارة، وقد غلط في مثله ناس كثيرون؛ ولذا جازت على الشارح وشارحه وتبعهم الحسين بن القاسم في الغاية وشرحها كعادته؛ لأنهم محققون فكيف يجوز مخالفتهم؟ (نجاح الطالب).

(٢) من النسخ، خلافاً لبعض المتكلمين.

(٣) قال في التلويح: لا منافاة بين إيجاب فعل مقيد بزمان وأن لا يوجد التكليف في ذلك الزمان، كما يقال: صم غدا ثم ينسخ قبله، وذلك كما يكلف بصوم غد ثم يموت قبل غد =