[مسألة: في جواز نسخ الأخبار]
[مسألة: في جواز نسخ الأخبار]
  (مسألة: وكون المحل خبراً لا يمنع النسخ إلا بالنقيض فيما لا يتغير مدلوله) يعني: أن محل التكليف إذا كان خبراً نحو أن يكلف الشارع أحداً بأن يخبر بشيء من عقلي أو عادي أو شرعي، كوجود الباري وإحراق النار وإيمان زيد، فإن خبريته لا تنافي نسخ التكليف بالإخبار به، فيجوز نسخه برفع التكليف به بالاتفاق(١)، كنسخ التعبد بتلاوة بعض الآيات.
  وأما نسخه بأن يكلفه بالإخبار بنقيضه فإن كان مما لا يتغير مدلوله(٢) لم يجز عند أئمتنا والمعتزلة؛ لأن أحدهما كذب، والتكليف به قبيح، وجوزه الأشاعرة بناء على أصلهم من نفي القبح العقلي. ويرد عليهم: أن التكليف به صفة نقص، وهم لا يجوزونها(٣) على الله تعالى. واختار العلامة الفناري في فصول البدائع أنه لا يجوز نسخه بالإخبار بنقيضه في حق الرسول؛ لأنه يرفع الثقة، ويجوز في حق غيره؛ لجواز التكليف بالكاذب(٤)، كما جاز الكذب في بعض المواضع.
(قوله): «بالإخبار» متعلق بالتكليف لا بالنسخ.
(١) لأنه من قبيل نسخ الإنشاء. (من شرح ألفية البرماوي).
(*) إن قيل: لو اتهم بنفي الصانع وعدم وجوده وجب عليه الإخبار، لكن المتعين عليه رفع الوهم وإن كان بلفظ غير لفظ موجود ونحوه، فلا يعترض الإطلاق.
(٢) كصفاته تعالى، بمعنى أنه كان تعالى أخبر عن نفسه بأنه قادر أو عدل أو نحو ذلك ثم أخبر بخلاف ذلك الخبر امتنع عند أئمتنا. اهـ نظام فصول.
(٣) في شرح المحلي على الجمع ما لفظه: قلنا: قد يدعو إلى الكذب غرض صحيح فلا يكون التكليف به نقصاً، وقد ذكر الفقهاء أماكن يجب فيها الكذب، منها إذا طالبه ظالم بالوديعة أو بمظلوم خبأه وجب عليه إنكار ذلك وجاز له الحلف عليه، وإذا أكره على الكذب وجب.
(٤) أي: بالخبر الكاذب.