[مسألة: في جواز النسخ من غير بدل]
[مسألة: في جواز النسخ من غير بدل]
  مسألة: اختلف في جواز النسخ من غير بدل، والمعنى هل يجوز النسخ للحكم الشرعي بلا حكم آخر، بأن يدل الدليل على ارتفاع الحكم السابق من غير إثبات حكم آخر شرعي؟ (وهو جائز) عند الجمهور (بلا بدل) وخالف فيه قوم من أهل الظاهر، ونقله القاضي أبو بكر الباقلاني عن بعض من المعتزلة، وذهب البرماوي وابن السبكي إلى أنه جائز غير واقع(١)، وحملوا كلام الشافعي حيث قال: «وليس ينسخ فرض أبداً إلا إذا ثبت مكانه فرض» على نفي الوقوع دون الجواز.
  ووجه ما ذهب إليه الجمهور قوله: (لجواز المصلحة) في انقضاء التعبد بذلك الحكم من دون تبديل له بحكم آخر، والعقل يقضي بأنه لا استحالة في ذلك قضاء قطعياً، وأما من لم يقل بمراعاة المصالح فوجه الجواز عنده أظهر، (وللوقوع) وذلك (كصدقة النجوى) في قوله تعالى: {فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً}[المجادلة: ١٢]، فإنه أوجب تقديم الصدقة عند مناجاة الرسول ÷ ثم نسخ بقوله: {فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا}[المجادلة: ١٣] وهو نسخ بلا بدل، والإباحة(٢) أصلية.
(قوله): «وخالف فيه قوم من أهل الظاهر» وهو مذهب الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد والد المؤلف عادت بركاتهما.
(قوله): «والإباحة أصلية» أي: إباحة تقديم الصدقة بعد نسخ الوجوب تثبت بالإباحة الأصلية، وهي حكم عقلي، فلم ينسخ إلى بدل. ولعله بنى هنا على خلاف كلام الجمهور =
(١) قال المحلي في شرح الجمع: ولا نسلم أنه لا بدل للوجوب في آية النجوى، بل بدله الجواز الصادق هنا بالإباحة والاستحباب.
(٢) قد مر له # في المتن في بحث الأحكام ما لفظه: والإباحة حكم شرعي غير مكلف به على الأصح. وفي الشرح ما لفظه: وما ورد به الشرع مقرراً للنفي الأصلي ففيه ما سبقت الإشارة إليه من الخلاف. وهنا ما ترى من الحكم بكونه من النسخ لا إلى بدل.