هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: في جواز وقوع النسخ في القرآن]

صفحة 181 - الجزء 3

[مسألة: في جواز وقوع النسخ في القرآن]

  مسألة: (ويجوز) وقوع النسخ (في القرآن حكما وتلاوة)⁣(⁣١) معاً، ولا يخالف فيه⁣(⁣٢) إلا من يمنع من وقوع النسخ في القرآن، وهو أبو مسلم كما تقدم، فأما نسخ جميعه فإنه ممتنع بالإجماع؛ لأنه معجزة نبينا ÷ المستمرة على التأبيد. وذلك كحديث عائشة: كان فيما أنزل: عشر رضعات معلومات يحرمن، فنسخن بخمس معلومات⁣(⁣٣)، فتوفي رسول الله ÷ وهي فيما يقرأ⁣(⁣٤) من القرآن، رواه مسلم، فإنه لم يبق لهذا اللفظ حكم القرآن لا في الاستدلال ولا في غيره، وأما قول عائشة: فتوفي رسول الله ÷ وهي فيما يتلى من القرآن فمحمول على أن من لم يبلغه نسخ تلاوته يتلوه، وهو معذور، وإنما أول بذلك لإجماع الصحابة ومن بعدهم على تركها من المصحف.

  وقوله: (أو أحدهما) يريد أنه يجوز نسخ الحكم دون التلاوة ونسخ التلاوة دون الحكم، أما نسخ الحكم دون التلاوة فكثير، كآية النجوى، قال عبدالرزاق: أخبرنا معمر⁣(⁣٥) عن أيوب عن مجاهد قال علي #: «ما عمل بها غيري حتى نسخت» وأحسبه قال: «وما كان إلا ساعة من نهار». وآية الاعتداد بالحول⁣(⁣٦)، وآية الوصية للوالدين والأقربين، وآيتي الحبس والأذى للزانيين، والآيات


(١) سيأتي قريباً أن ما نسخ تلاوته لا يسمى قرآناً بل سنة.

(٢) فيه نظر؛ فإن قدماء أئمة أهل البيت $ على عدم نسخ التلاوة كما نص عليه الإمام أحمد بن سليمان # في الحقائق والإمام المنصور بالله # والد المؤلف وعبدالله بن الحسين # وقال: لا أعلم أحداً من أهلنا $ يقول بخلافه أو كما قال. (من خط العلامة أحمد بن عبدالله الجنداري).

(٣) من السنة.

(٤) قال في معالم السنن: أرادت بقولها: «فيما يقرأ من القرآن» قرب عهد النسخ من وفاة النبي ÷، حتى صار بعض من لم يبلغه النسخ يقرأه على الرسم الأول.

(٥) ابن راشد. اهـ وأيوب هو السختياني.

(٦) في قوله تعالى: {مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ}⁣[البقرة: ٢٤١].