(الباب السادس من المقصد الرابع في) مباحث (الناسخ والمنسوخ)
  تحريم فعل الباقي بغير المنقوص من الجزء والشرط ثم ارتفع ذلك الحكم بحكم آخر، وهو جواز الباقي أو وجوبه من دون المنقوص، ولا معنى للنسخ إلا ذلك.
  (قلنا: معنى التحريم) للباقي من دون المنقوص (وجوبه) يعني وجوب المنقوص (مع) وجوب (الباقي) لا معنى له إلا ذلك، فنقصه نسخ لوجوبه، ولا نزاع فيه، ولا نسلم أنه نسخ لوجوب الباقي ولا مستلزم له، وإلا افتقر وجوبه إلى دليل آخر، وهو باطل كما تقدم.
  (والفائدة(١) فيهما قبول خبر الواحد مع علم الأصل وعدمُ قبوله) يعني
= الاقتصار على الركعتين وفعل الأربع بدون المنقوص قبل النقص إلا وجوب فعل المنقوص مع الباقي، والذي ارتفع إنما هو وجوب وجوب المنقوص، وكونه وجوباً مصاحباً للباقي لا يوجب رفع الباقي. إن قيل: وما فائدة الخلاف في كون الزيادة نسخاً للمزيد عليه وكون النقص نسخاً للباقي مع الاتفاق من الكل على وجوب فعل المزيد عليه والباقي؟ قلنا: فائدة الخلاف فيهما قبول خبر الواحد بالزيادة والنقص مع علم الأصل الذي زيد عليه أو نقص منه، فإن قلنا: إن الزيادة والنقص ليسا بنسخ قبل، وإن قلنا: إنهما نسخ لم يقبل؛ لأن المعلوم لا ينسخ بالمظنون.
(١) ينظر في ذلك؛ فإن هذه الفائدة غير جارية في كثير من الطرف الأول، وهو النسخ بالزيادة، وتفصيل ذلك أن الزيادة إن كانت عبادة منفردة كصلاة سادسة أو كانت زيادة شرط كزيادة وصف الإيمان في إعتاق رقبة أو كانت زيادة شطر كمثل زيادة التغريب فمثل هذا تجري فيه تلك الفائدة، وأما إذا كانت تلك الزيادة مما تغير الإجزاء أو قبح الإخلال أو كون الأخير أخيراً ونحو ذلك فالظاهر عدم جريانهما؛ إذ يلزم ترك ما هو قطعي بما هو ظني. وأما الطرف الثاني وهو النسخ بالنقصان فالظاهر أن هذ الفائدة لا تجري في شيء من أمثلته؛ إذ يلزم ترك القطعي بالظني، وكأنه لذلك لم يذكرها العضد وغيره، وإنما ذكرها صاحب الفصول من أصحابنا، والله أعلم.
(*) في الفصول في جانب الزيادة: وثمرة الخلاف أن الظني كخبر الآحاد إذا ورد بالزيادة على النص المعلوم لم يقبل عند القائلين بأنها نسخ، ويقبل عند القائلين بأنها ليست بنسخ. وقال صاحب الفصول أيضاً في جانب النقصان: وثمرة الخلاف مثل ما مر في الزيادة من أن الظني كخبر الواحد لا يقبل عند الغزالي في القطعي، ويفصل فيه القاضي، وعندنا يقبل[١]، قال يعني السيد صلاح المؤيدي: ولا خفاء أن كلامه هنا لا يستقيم؛ للاتفاق على أن النقص نسخ[٢] للمنقوص، وإذا ثبت ذلك فالمنقوص منه إذا كان قطعياً لا يقبل فيه هذا الوارد سواء جعلناه نسخاً للمنقوص منه أو لا فليتأمل.
[١] في المطبوع: لا يقبل. والمثبت من شرح الفصول.
[٢] في المطبوع: على أن النسخ. والمثبت من شرح الفصول.