(الباب السادس من المقصد الرابع في) مباحث (الناسخ والمنسوخ)
  المستعمل في الشرع فإنه يتعدى بعلى؛ لتضمنه معنى البناء والحمل.
  والقياس في اصطلاح الأصوليين والفقهاء: (هو إلحاق(١) معلوم بمعلوم في حكمه) سواء كان إثباتاً أو نفياً (للاشتراك في العلة) سواء كانت صفة أو حكماً، مثبتة أو منفية. فقوله: إلحاق كالجنس يدخل فيه المحدود وغيره،
(قوله): «إلحاق معلوم بمعلوم» هذا الحد مأخوذ من حد القاضي أبي بكر الباقلاني مع تحويل وحذف لألفاظ من حده اعترضها ابن الحاجب، فخذ ذلك من موضعه، وهذا الحد قد اختاره في شرح المختصر في بحث اعتراضات القياس في منع وجود العلة حيث قال: القياس إلحاق فرع بأصل بجامع. واستقربه في الحواشي، قال: لأن القياس فعل القائس كالإلحاق، بخلاف ما ذكره ابن الحاجب من أن القياس مساواة فرع لأصل في علة حكمه.
(قوله): «سواء كان» أي: الحكم «إثباتا» ومثاله ظاهر، وقوله: «أو نفياً» كما إذا قيل في القتل بالمثقل: قتل تمكن فيه الشبهة فلا يوجب القصاص كالعصا.
(قوله): «سواء كانت» أي: العلة «صفة أو حكماً مثبتة أو منفية» مثال الصفة مثبتة: النبيذ مسكر فيحرم كالخمر، ومثالها منفية: الصبي ليس بعاقل فلا يكلف كالمجنون، ومثال العلة حكماً[١] مثبتاً: الكلب نجس فلا يصح بيعه كالخنزير، ومنفياً: النجس المغسول بالخل ليس بطاهر فلا تصح فيه الصلاة كالمغسول باللبن.
(قوله): «كالجنس ... إلخ» إنما قال: كالجنس[٢] لأن هذا حد باعتبار المفهوم؛ إذ ليس الجنس والفصل هنا بمقومين لماهية كما في الحيوان الناطق في حدم الإنسان.
(١) واعلم أن القياس وإن كان من أدلة أصول الأحكام مثل الكتاب والسنة لكن جميع تعريفاته واستعمالاته تنبي عن كونه فعل المجتهد؛ ولذا عبر عنه بإلحاق معلوم بمعلوم، وعبر عنه شارح المختصر بما حصلت فيه المساواة، وتعريف ابن الحاجب له في المختصر بنفس المساواة محل نظر، ذكر هذا السعد في حواشي العضد.
[١] مثلوا للحكم بقولهم: الكلب نجس فلا يجوز بيعه كالخنزير، فإن النجاسة حكم وضعي؛ لأنها مانع عن البيع، ومثلوا للصفة بقولهم: النبيذ مسكر فيحرم كالخمر، وهو وهم؛ فإن الإسكار حكم وضعي؛ لأنه سبب تحريم الخمر، فينظر في ذلك. (عن خط السيد العلامة عبدالقادر بن أحمد).
[٢] قال السيد السند في حاشية القطب: الماهيات إما حقيقية أي موجودة في الأعيان وإما اعتبارية، أما الحقيقيات فالتمييز بين ماهياتها وعرضياتها في غاية الإشكال؛ لالتباس الجنس بالعرض العام، والفصل بالخاصة، فيتعسر التمييز بين حدودها ورسومها المسميات بالحدود والرسوم الحقيقية، وأما الاعتباريات من المفهومات اللغوية والاصطلاحية فلا إشكال فيها؛ لأن كل ما هو داخل في مفهوماتها فهو ذاتي لها: إما جنس إن كان مشتركاً، وإما فصل إن لم يكن مشتركاً، وكل ما ليس داخلا في مفهوماتها فهو عرض لها، فلا اشتباه بين حدودها ورسومها المسميات بالحدود والرسوم الاسمية. اهـ فينظر في كلام سيلان. (من خط السيد العلامة عبد القادر بن أحمد |). ولعل الوجه ما قاله في حاشية ياسين على قول الفاكهي: كالجنس: إن الجنس يقال لما كان لماهية حقيقية خارجية، وإلا فهو كالجنس. اهـ بالمعنى. وقد تقدم في حواشي الغاية توجيه آخر للقاضي العلامة الحسن بن محمد المغربي في نظير هذه العبارة.