هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: في التعبد بالقياس]

صفحة 248 - الجزء 3

  معتزلة بغداد كيحيى الإسكافي وجعفر بن مبشر وجعفر بن حرب، والثاني للظاهرية والقاساني⁣(⁣١) والنهرواني⁣(⁣٢) والنظام في رواية، وهؤلاء فريقان: فقائل بأنه لم يوجد في السمع ما يدل على وقوع التعبد به فوجب الامتناع من العمل به، وقائل تمسك في نفيه بالكتاب والسنة.

  احتج (الموجب عقلاً:) بأنه (لولاه) أي: القياس وكونه دليلاً شرعياً (لخلت وقائع) كثيرة عن الأحكام، أما الملازمة فلأن النص لا يفي بتناوله لكل الأحكام؛ لتناهي النصوص وعدم تناهي الأحكام؛ لتجدد الوقائع التي هي محال الأحكام، وأما بطلان اللازم فلأن خلو الكثير من الوقائع عن الأحكام خلاف المقصود من بعثة الرسل، مع أن الأنبياء $ مأمورون بتعميم الأحكام وإكمال الدين.


(قوله): «فوجب الامتناع من العمل به» لأن إثبات ما لا دليل عليه باطل.

(قوله): «وقائل تمسك في نفيه بالكتاب والسنة» يعني أنهما وردا بإبطاله، فهذا أخص من متمسك القائل⁣[⁣١] الأول؛ لأن الأول تمسك بعدم وجود ما يدل عليه من السمع، وهذا تمسك بوجود دليل من السمع على بطلانه، وهو ما سيأتي للمؤلف من أن الشرع منع من اتباع الظن.

(قوله): «احتج الموجب عقلا» إن أراد عقلا فقط⁣[⁣٢] فلم يتقدم ذكر القائل به، وإن أراد عقلا وسمعا فالدليل المذكور إنما هو حجة للموجب عقلا فقط، مع أن قوله فيما يأتي: احتج الآخرون لا يصلح مقابلا له؛ لأنه شامل لمذهبين: وجوب التعبد من جهة السمع فقط، ووجوبه من جهة السمع والعقل؛ لأن قوله: أو معه إشارة إليه، ولا يصلح أيضاً أن يكون قوله: احتج الآخرون مقابلاً لقوله سابقاً: الوجوب عقلا وسمعاً؛ لما ذكرنا من أن قوله: أو معه إشارة إلى القائل بوجوبه عقلاً وسمعا.


(١) في القاموس: قاسان بالقاف والسين: بلد بما وراء النهر، وناحية بأصبهان غير قاشان المذكور مع قم. اهـ وفي حاشية السيد: قاسان بالقاف والسين المهملة من بلاد الترك. (من مباحث خبر الآحاد). وهو محمد بن إسحاق، أخذ عن داود وخالفه في مسائل. (من الملل والنحل).

(٢) الحسين بن عبيد، من أصحاب داود. (ملل).


[١] النسبة بين الوجود والعدم التباين فلا أخصيه فتأمل. (ح عن خط شيخه).

[٢] الظاهر أن مراد المؤلف بقوله: احتج الموجب عقلا إما مع السمع أو وحده، وقول المحشي: فالدليل المذكور إنما هو حجة للموجب عقلا لا ينافي أن يكون حجة للقولين بالنظر إلى العقل، فتأمل في هذه القولة والقولة الثانية، وهي قوله: وقوله احتج الآخرون إن جعل ... إلخ. (ح عن خط شيخه).