[مسألة: هل النص على العلة كاف في التعبد بالقياس؟]
  ولهذا حمله الحاكم أبو سعيد(١) على مذهب الأكثرين، وقال أبو طالب: إن كلام أبي هاشم محتمل.
  وفصل أبو عبدالله البصري بين أن يكون الحكم المعلل تركاً وبين أن يكون فعلاً، فجعل النص على العلة كافياً في التعبد بالقياس في الأول دون الثاني.
  وإنما لم يكن النص على العلة كافياً عند الأكثرين (لجواز كونه لمجرد الانقياد)(٢) والقبول، فإن النفوس(٣) إلى قبول ما عرفت فيه الحكم والمصالح من الأحكام أميل، وعن قبول الأحكام المحضة والتعبدات الصرفة أبعد، وبهذا يندفع ما احتج به الآخرون من أنه لو لم يكن ذكرها للتعميم بالإلحاق لعري عن الفائدة، وإلى هذا أشار بقوله: (فلا عبث).
  قالوا: الظاهر من ذكرها أنه لقصد الإلحاق.
  قلنا: لا نسلم ظهوره قبل ورود التعبد بالقياس.
  لا يقال: العلل الشرعية وجوه الحكم والمصالح، وإذا عمت عمت فتعم
(قوله): «وقال أبو طالب ... إلخ» عطف على قوله: حمله، فيكون مؤيداً لما ذكره المؤلف # من احتمال كلامهما.
(قوله): «لجواز كونه لمجرد الانقياد ... إلخ» اعلم أن تقرير المؤلف # لاستدلال الأكثرين والرد على شبهة المخالف سالم عما ورد على احتجاج ابن الحاجب لهم حيث قال: إن قول من قال: أعتقت غانماً لحسن خلقه لو كان تناوله لكل من حسني الخلق باللفظ لا بالقياس لكان بمثابة أعتقت كل حسني الخلق، وكان يقتضي عتق غيره من حسني الخلق، وانتفاء ذلك مقطوع به؛ وذلك لأنه قد اعترض عليه العلامة السعد بأن هذا الاحتجاج نصب للدليل في غير محل النزاع؛ فإن الخصم لا يقول بأن ذلك يثبت بالصيغة، بل بأن ذلك من الشارع تعبد بالقياس في تلك الصورة وإن لم يعلم تعبده بالقياس كلياً، فأين أحدهما من الآخر؟
(قوله): «العلل الشرعية وجوه الحكم والمصالح» يقال: الأمر بالعكس؛ فإن الحكم والمصالح وجوه العلل، أي: وجه ترتيب الحكم على العلة، بمعنى أنه يحصل من ترتيب الحكم على العلة المؤثرة كالإسكار مثلا حكمة ومصلحة، فينظر في هذا، ولعله أراد بكون العلل وجوه الحكم والمصالح أن العلل مظنة الحكم والمصالح.
(قوله): «وإذا عمت» أي: الحكم والمصالح.
(قوله): «عمت» أي: العلل.
(١) سعد، هكذا في نسخة، وهو الثابت في نسخة بعض تلاميذ المصنف، وسعيد ثبت في نسخة.
(٢) لا لقصد الإلحاق.
(٣) رد هذا بأنه خلاف الظاهر؛ لأنه ÷ ما بعث للتنبيه على أسرار الربوبية، بل لتعليم وظائف العبودية.