هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: في أن القياس يجري في الحدود والكفارات]

صفحة 278 - الجزء 3

[مسألة: في أن القياس يجري في الحدود والكفارات]

  (مسألة: و) القياس (يجري في الحدود والكفارات) عند أصحابنا والشافعي وأحمد بن حنبل وأكثر الناس، خلافاً للحنفية، وهذا الخلاف فيها أنفسها؛ إذ مقاديرها لا يجري⁣(⁣١) فيها القياس عند الجميع كما صرح به البرماوي وغيره؛ ولهذا قال المؤيد بالله # في شرح التجريد في باب تحديد الدية: وأيضاً قد ثبت أن مثل هذه المقادير لا بد فيها من التوقيف. مع استعماله للقياس في الحدود نفسها. وقال القاضي زيد في تقدير أقل الحيض وأكثره: إنه لا مساغ للاجتهاد فيه؛ لأنه إثبات المقادير، وطريق إثباتها⁣(⁣٢) النص والإيقاف.


(قوله): «يجري في الحدود» كقطع النباش قياساً على السارق، وإيجاب الحد على اللائط قياساً على الزاني.

(قوله): «والكفارات» كإيجاب الكفارة على القاتل عمداً قياساً على قتل الخطأ، وإيجاب الكفارة على المفطر بالأكل في رمضان قياساً على المفطر بالجماع⁣[⁣١] بجامع هتك الحرمة بمشتهى.

(قوله): «إذ مقاديرها» أي: الحدود والكفارات، والمراد أن المقادير مطلقا لا يجري فيها القياس، لكن المؤلف # أضاف المقادير إلى الحدود والكفارات لأن الكلام هنا فيهما، ويدل على أن المراد الإطلاق إيراده لكلام المؤيد بالله والقاضي زيد مع أنه ليس من الحدود ولا من الكفارات.

(قوله): «لا يجري فيها القياس عند الجميع» أما صاحب الفصول فصرح بجواز جريان القياس في المقادير، قال في الحواشي نقلا عن الدواري: المراد بالمقادير أنصبة الزكاة والحدود والديات، كتقدير نصاب الخضراوات بمائتي درهم قياساً على أموال التجارة بجامع أن كلا منهما مال مزكى لا نصاب له في نفسه. وذكر في شرح الجمع أن الحنفية ناقضوا أصلهم فقاسوا في التقديرات، كما قالوا في نزح البئر للدجاجة كذا دلواً، وفي الفارة أقل من ذلك، وليس هذا التقدير عن نص ولا إجماع، فيكون قياساً، وناقض أبو حنيفة في تقدير مدة الرضاع والعدد الذي تنعقد به الجمعة ومسح الرأس بما ليس فيه توقيف ولا إيقاف.


(١) لكن لا يخفى أن ما سيأتي التمثيل به في الاحتجاج من فعل علي # والصحابة ¤ في المقدار أيضاً فليتأمل. (السيد هاشم بن يحيى).

(*) قد يقال: يلزم من إثبات الحد نفسه بالقياس إثبات تقديره؛ لأن الحد عقوبة مقدرة، فلا يثبت إلا مع تقدير فيحقق.

(٢) وفي شرح ابن جحاف أن القياس يدخل التقادير، كتقدير نصاب الخضروات ونحوها بمائتي درهم قياساً على أموال التجارة. اهـ ومثله في الفصول، فهذا يدل على اضطراب في تحقيق محل النزاع.


[١] في حاشية بعد هذا: وفي الرخص كالفطر في سفر المعصية قياساً على سفر الطاعة.