هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: في أن القياس يجري في الحدود والكفارات]

صفحة 283 - الجزء 3

  العمد العدوان (والزنا) بجامع الإيلاج المحرم المشتهى.

  وأجيب بمنع الوقوع، والصورتان المذكورتان من باب الاستدلال⁣(⁣١) لا من باب القياس، ولو سلم فليسا من المبحث؛ إذ السبب في الأول القتل العمد العدوان⁣(⁣٢)، وفي الثاني الإيلاج المحرم المشتهى، وهو متحد في الأصل والفرع، فيكون القياس في إيجاب القصاص والحد لا في إثبات السببية فيهما، ولو سلم فالمثالان لا يردان على من لا يقول بوجوب القصاص والحد بالمثقل واللواطة،


(قوله): «من باب الاستدلال» يعني أن ثبوت حكم الفرع فيهما بالاستدلال على موضع الحكم فيهما بحذف الفارق الملغى، وقد عرفت قريباً أن الإلحاق بإلغاء الفارق لا يسمى قياساً عندهم، وبيان ذلك أن يقال: النص قد دل على وجوب الحد في الزنا، ولا فرق بين اللياط وغيره إلا كون اللياط في دبر الذكر والزنا في فرج المرأة، وهذا الفرق ملغى في الشرع فيجب حذفه، فيتناول النص كلا المعنيين، قال في حواشي الفصول: وهذا لا ينفعهم؛ لأنه قياس من حيث المعنى لوجود شرائط القياس؛ لأنه جمع بين الأصل والفرع بعلة الأصل المعقولة ولا عبرة بالتسمية.

(قوله): «ولو سلم» أنهما ليسا من باب الاستدلال «فليسا من المبحث» لأن النزاع فيما تعدد السبب في الأصل والفرع - أي: الوصف المتضمن للحكمة - ليصح القياس في السببية التي هي محل النزاع؛ إذ مع اتحاد السبب تتحد السببية فلا يصح القياس؛ لاقتضاء القياس التغاير ليتحقق فيه أصل وفرع؛ فلذا قال المؤلف #: وهو - أي: السبب - متحد في الأصل والفرع، يعني فلا يصح القياس حينئذ، فيكون القياس في حكم آخر⁣[⁣١]، وهو إيجاب القصاص والحد لا في إثبات السببية التي هي محل النزاع، وقوله: فيهما، أي: اللواطة والزنا.

(قوله): «ولو سلم فالمثالان ... إلخ» المراد ولو سلم تعدد السبب صح القياس لتعدد السببية ويكون الجامع الإيلاج المذكور مثلا، ولا يخفى أن هذا الجامع إنما هو علة لحكم هو الحد، وهو غير السببية، وأما السببية فسيأتي في استدلال المخالف أنها في الوصف الأول معللة بقدر من الحكمة، ولا يعلم ثبوت ذلك القدر في الوصف الثاني إلى آخر ما سيأتي، فلو قال المؤلف #: ولو سلم تعدد السبب فلا وجود للجامع في الفرع ثم يقول: ولو سلم وجوده فالمثالان لا يردان ... إلخ لكان أولى فتأمل.


(١) وهو ما يكون الإلحاق فيه بإلغاء الفارق، والقياس ما يكون الإلحاق فيه بذكر الجامع، وسيأتي إن شاء الله تعالى.

(٢) لم يرد أن التركيب، يدل على ذلك عبارة صاحب فصول البدائع حيث قال ما نصه: الثاني في كونها عدداً كالقتل العمد العدوان.


[١] غير محل النزاع. (منه ح).