هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: في أن القياس يجري في الحدود والكفارات]

صفحة 284 - الجزء 3

  وهم أكثر المخالفين، وقد يدفع بأن ما ذكر في الجواب يعود بنا إلى النزاع في العبارة؛ لأن كل صورة من هذا القبيل يمكن أن تسمى بالاستدلال، ولأن القائلين بصحة القياس في الأسباب لا يقصدون إلا ثبوت الحكم بالوصفين لما بينهما من الجامع، وهو يعود إلى ما ذكرتم من اتحاد السبب والحكم، فيكون النزاع لفظياً⁣(⁣١) في تسمية الحكم⁣(⁣٢) متعلقاً بالسبب الجامع بين السببين⁣(⁣٣) أو


(قوله): «وهم أكثر المخالفين» هم الحنفية كما ذكره السعد، قال: وإنما يرد على ابن الحاجب حيث يقول بذلك على ما هو مذهب الشافعي ومالك⁣[⁣١].

(قوله): «ولأن القائلين بصحة القياس في الأسباب لا يقصدون» هذا الكلام إلى قوله: من اتحاد السبب والحكم ذكره العلامة السعد، فقوله: «إلا ثبوت الحكم» كوجوب الجلد مثلا، وقوله: «بالوصفين» وهما اللواطة والزنا، وقوله: «لما بينهما» أي: الوصفين المذكورين «من الجامع» وهو الإيلاج المذكور.

(قوله): «إلى ما ذكرتم من اتحاد السبب والحكم» لأن السبب هو الجامع بين الوصفين، وقد عرفت أنه متحد؛ إذ هو الإيلاج المذكور، والحكم أيضاً متحد، وهو الجلد، هذا معنى ما ذكره السعد وتبعه المؤلف #، وأنت خبير بأن ثبوت الحكم بالوصفين فرع ثبوت السببية⁣[⁣٢] في كل واحد منهما، والسببية في اللواطة إنما تثبت بالقياس المتوقف على تعدد السبب، وفي ذلك وقع النزاع، فقوله: «لما بينهما من الجامع» مغالطة؛ لأنه أراد به الإيلاج المذكور، وهو ليس بجامع بين الوصفين في السببية، وإنما هو جامع بين الحدين، أعني الحد باللواطة والزنا، وأما السببية التي يراد إثباتها في اللواطة مثلا وهي التي وقع النزاع فيها فمعللة بغير الوصف الجامع بين الحدين، فإن السببية في الوصف الأول أعني الزنا معللة بقدر من الحكمة لم توجد في الوصف الثاني أعني اللواطة كما سيأتي، وقوله: «وهو يعود إلى ما ذكرتم» =


(١) لأن النزاع فيما تغاير السبب في الأصل والفرع، أي: الوصف المتضمن للحكمة، وكذا العلة، وهي الحكمة، وهاهنا السبب سبب واحد ثبت لهما، أي: لمحلي الحكم، وهما الأصل والفرع بعلة واحدة، ففي مثال المثقل والمحدد السبب القتل العمد العدوان، والعلة الزجر لحفظ النفس، والحكم القصاص. وفي مثال الزنا واللواطة السبب إيلاج فرج في فرج محرم شرعاً مشتهى طبعاً، والعلة الزجر لحفظ النسب، والحكم وجوب الحد. (عضد).

(٢) وهو وجوب القصاص والحد.

(٣) في المطبوع: الشيئين.


[١] فيحتاج ابن الحاجب إلى الجواب بأن الصورتين المذكورتين ليستا من المبحث كما عرفت. (ح).

[٢] هذا غير مسلم، فلم لا يجوز أن يكون علة لسببية الوصف جمعاً بين السببين، وحينئذ يتعدد، أو يتعلق الحكم بهما عند الجمهور أو بالجامع عند المخالف فيكون اختلافاً لفظياً، والله أعلم. (حسن بن يحيى الكبسي). وقولهم: إن السببية معللة بقدر من الحكمة مردود عند المؤلف بأن النزاع فيما علم. (حسن عن خط العلامة السياغي).