[مسألة: في أن القياس يجري في الحدود والكفارات]
  إثبات ما يترتب عليها من الأحكام، فيكون القياس في إثباتها لا في إثبات الأسباب، وإن لم تظهر الحكمة ولم تنضبط ولم تصلح لنوط الحكم بها فإن كان لها مظنة فالقياس بين الحكمين بها، فإذا ثبت أن الإيلاج المشتهى المحرم يصلح سبباً للحكم أو توجد له مظنة صالحة لذلك صار القياس في وجوب(١) الحد في إيلاج اللواطة كما في إيلاج الزنا بجامع تلك الحكمة أو المظنة، فكان هناك حكم واحد وهو وجوب الحد وسبب واحد وهو ذلك الوصف، فلا تعدد في الحكم ولا في السبب، وقد كان المفروض أن هناك حكمين الحد(٢) والسببية وسببين الزنا واللواطة، وإن لم يكن أي الأمرين فلا جامع بينهما من حكمة أو مظنة، فيكون قياساً خالياً عن الجامع، وأنه لا يجوز، وجعلوا ما احتج به المثبتون من دليل الوقوع من هذا القبيل، وقد سبق تحقيقه(٣).
  وأما الجواب: فلما تقدم من أن القائلين بصحة القياس في الأسباب
(قوله): «ويكون القياس في إثباتها» أي: الأحكام كالحد مثلاً، يعني وهذا الحكم غير محل النزاع، فإن محل النزاع هو السببية؛ فلذا قال المؤلف #: لا في إثبات الأسباب.
(قوله): «فإن كان لها» أي: للحكمة «مظنة» أي: وصف ظاهر منضبط تضبط به الحكمة.
(قوله): «فالقياس بين الحكمين بها» أي: بالمظنة الضابطة للحكمة.
(قوله): «وسبب واحد وهو ذلك الوصف» لو زاد أو المظنة كما في حاشية السعد لكان أوفى، وكأنها سقطت عن قلم الناسخ.
(قوله): «وقد كان المفروض أن هناك حكمين الحد والسببية» الثابتين في الزنا بالنص وفي اللواطة بالقياس على الزنا عند الجمهور.
(قوله): «وسببين الزنا واللواطة» إذ قد عرفت أن القياس إنما يتصور مع تعدد السبب ليصح القياس ويثبت إلحاق فرع بأصل.
(قوله): «وإن لم يكن» أي: الأمرين» أي: لا حكمة ظاهرة منضبطة ولا مظنة تضبطها.
(قوله): «وجعلوا ما احتج به المثبتون» هذا شروع في تفسير قوله سابقاً: وجعله دليل المثبت ... إلخ؛ لما عرفت من أن النافي رد دليل المثبت لذلك.
(١) في المطبوع: بوجوب.
(٢) تكليفي، والسببية حكم وضعي.
(٣) في قوله: والصورتان المذكورتان من باب الاستدلال.