هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: في أن القياس يجري في الحدود والكفارات]

صفحة 288 - الجزء 3

  لا يقصدون إلا ثبوت الحكم بالوصفين لما بينهما من الجامع، وهو يعود إلى ما ذكره المانعون من اتحاد الحكم والسبب لإلغائهم توسيط⁣(⁣١) الوصفين، وهذا واقع في كل صورة.

  والذي يرجح مذهب الأكثرين: أن الشارع اعتبر⁣(⁣٢) الزنا فرتب الجلد عليه بفاء التعقيب حيث قال: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا}⁣[النور: ٢]، وفي الحديث


(قوله): «لا يقصدون إلا ثبوت الحكم بالوصفين» قد عرفت أن ثبوت الحكم بهما فرع سببية اللواطة قياساً على الزنا، وفي ذلك وقع النزاع.

(قوله): «لما بينهما من الجامع وهو يعود إلى ما ذكره المانعون» قد تقدم ما فيه.

(قوله): «لإلغائهم» أي: المانعين⁣[⁣١] «توسيط الوصفين» وهما الزنا واللواط مثلا، لكن لا خفاء في عدم توجه هذا الجواب⁣[⁣٢]؛ فإن المانعين وإن ألغوا وصف اللواطة لمنعهم القياس في الأسباب فأما وصف الزنا فمعتبر عندهم قطعاً؛ كيف وقد عرفت من المنقول عن شرح المختصر أن معنى القياس في الأسباب عند الجميع هو أن يجعل الشارع وصفاً سبباً لحكم فيقاس عليه وصف آخر فيحكم بكونه سبباً؟ وكأن المؤلف # فهم إلغاءهم الوصفين من قولهم في احتجاجهم: إن الحكمة إن ظهرت وانضبطت استغنت عن ذكر الوصفين، ولا مأخذ من ذلك؛ فإنهم إنما ذكروه استدلالا على الجمهور بما يلزمهم فرضاً وتقديراً؛ إذ المعنى أن الحكمة إن ظهرت وانضبطت وصلحت للعلية استغنت عن ذكر الوصفين، واللازم باطل؛ فإن وصف الزنا معتبر اتفاقاً، ووصف اللواطة عند الجمهور قياساً، وحينئذ فما ذكره من ترجيح مذهب الأكثرين بأن الشارع اعتبر الزنا غير متوجه؛ إذ هو معتبر أيضاً عند المانع قطعاً، وعدم ترتيب الجلد على ما يعم الوصفين غير قادح؛ لأنه قد ترتب على وصف الزنا، مع أن صلاحية ما يعم الوصفين إنما اعتبره المانع إلزاماً للأكثرين فتأمل، والله أعلم.


(١) في نسخة: توسط.

(٢) لا الأمر المشترك.


[١] معنى إلغائهم توسيط الوصفين عدم اعتبارهم لسببيتهما؛ لأنهم إنما يعتبرون سببية الجامع عند الجمهور، أعني الإيلاج ... إلخ أو القتل العمد ... إلخ كما قالوا في الجواب: إذ السبب في الأول القتل العمد إلى قولهم: لا في إثبات السببية فيهما، وكما في قولهم: فيكون القياس في إثبات الأسباب، وقولهم: صار القياس في وجوب الحد في إيلاج اللواطة كما في إيلاج الزنا، وغير ذلك من كلامهم، وما ذكره المحشي استظهار بكلام شارح المختصر فهو تفسير قياس الأسباب الذي يثبته الجمهور وينفيه الآخرون، وكونه استدلالاً بما يلزم المثبتين لا ينافي الظاهر من كونه مذهب المانعين، وإن سلم فلا يبعد أن يراد بالإلغاء إلغاؤهم في الاحتجاج، وهو كاف للمؤلف. (حسن بن يحيى عن خط العلامة أحمد بن محمد السياغي |).

[٢] كلام المؤلف قويم فتأمل. (ح عن خط شيخه).