هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: في أن القياس يجري في الحدود والكفارات]

صفحة 289 - الجزء 3

  الصحيح: «زنا ماعز فرجم»، ولم يرتبه على ما يعم الوصفين، فدل على أنه المقتضي للجلد لا غيره فاحتيج إلى القياس، وإلا خولف الكتاب والسنة.

  قالوا: لم يثبت محل تتحقق فيه سببية الوصف الملحق⁣(⁣١) معللاً باشتماله على الحكمة المقصودة به؛ لأنه إنما نثبته باعتبار الشارع وصفاً آخر مغايراً له لتحصيل الحكمة؛ إذ المفروض تغاير الوصفين⁣(⁣٢)، فيكون مناسباً مرسلاً فلا يعتبر.

  قلنا: القياس⁣(⁣٣) دليل شرعي، فالإثبات به إثبات بالشرع⁣(⁣٤) فكان معتبراً فيه،


(قوله): «قالوا لم يثبت محل تتحقق فيه سببية الوصف ... إلخ» الذي ذكره في شرح المختصر وحواشيه في تحقيق هذا الاحتجاج أن يقال: حاصل القياس في الأسباب أن يجعل وصف كاللواطة مثلا سبباً للحكم الذي هو وجوب الجلد لتحصيل الحكمة التي هي الزجر عن تضييع الماء في اللواطة كما تحصل في الزنا، ولا يشهد له أصل بالاعتبار، أي: لم يثبت محل تتحقق فيه سببية هذا الوصف معللا باشتماله على الحكمة؛ لأنا إنما نثبته باعتبار الشارع وصفاً آخر مغايراً له لتحصيل الحكمة؛ إذ المفروض تغاير الوصفين، ولا نعني بالمناسب المرسل إلا ذلك.

(قوله): «الوصف الملحق» الضمير عائد إلى السببية⁣[⁣١]، والتذكير باعتبار المضاف إليه، أو إلى الوصف، وسمي ملحقاً مجازاً باعتبار سببيته.

(قوله): «معللا باشتماله» أي: السبب الدال عليه السببية.

(قوله): «على الحكمة المقصودة به» أي: بالسبب، يعني الحكمة الحاصلة من ترتيب الحكم عليه كما في سائر الأسباب.

(قوله): «فيكون مناسباً مرسلاً» وذلك لأن المناسب المرسل كما يأتي هو الذي لم يثبت اعتبار عينه في عين الحكم لا بنص ولا إجماع ولا بترتب الحكم على وفقه، فيكون اعتبار سببية اللواطة للجلد حينئذ من المناسب المرسل.

(قوله): «قلنا القياس دليل» يعني أن الحكم في اللواطة لم يثبت بالمناسب المرسل حتى يرد أنه ليس بمعتبر في الشرع، بل نثبته بما هو معتبر شرعاً، وهو القياس؛ لوجود أصل معين وجامع، =


(١) كاللواطة مثلا معللا باشتماله على الحكمة كتضييع الماء.

(٢) فإن اللواط المعتبر في سببية الفرع غير الزنا المعتبر في سببية الأصل، بخلاف الإسكار في النبيذ فإنه قد يشهد له أصل بالاعتبار، وهو الخمر الذي اعتبر في تحريمه الإسكار أيضاً، وإذا ثبت أن السبب في الفرع غير السبب في الأصل فلا أصل لوصف الفرع، فيكون الوصف في الفرع وهو وصف اللواط مرسلا، فيكون مردوداً. (منتهى السؤل والأمل).

(٣) على المسبب الآخر كالمحدد بجامع مثلا كالقتل العمد العدوان.

(٤) وفيه ما تقدم من اتحاد السبب وأن الحكم هو إيجاب القصاص لا السببية فتأمل.


[١] بل عائد إلى الوصف. (ح عن خط شيخه). وفي حاشية: تحقق القولة. (ح).