هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: في أن القياس يجري في الحدود والكفارات]

صفحة 290 - الجزء 3

  ولو سلم فالمناسب المرسل الملائم معتبر؛ لما يجيء من الدليل الدال على اعتباره وقبوله.

  قالوا: سببية الوصف الأول معللة بقدر من الحكمة، ولا نعلم ثبوت ذلك القدر في الوصف الثاني؛ لعدم انضباط الحكمة واختلاف الوصفين، فلا يمكن التشريك في الحكم.

  قلنا: ذلك مسلم فيما لم تنضبط حكمته ولم تكن منوطة بوصف ظاهر منضبط، أما ما كانت حكمته ظاهرة منضبطة أو كانت منوطة بوصف ظاهر


= فإنا نقيس اللواطة على الزنا في وجوب الجلد بجامع الإيلاج المذكور، وهذا ليس هو القياس المرسل، هذا ما ينبغي أن يحمل عليه كلام المؤلف #، لكن لا يخفى أن محل النزاع إثبات سببية اللواطة، والقياس المذكور لم يثبته⁣[⁣١]، وإنما أثبت وجوب الحد، فالجواب غير دافع لما قصد المستدل.

(قوله): «ولو سلم فالمناسب الملائم، من المرسل معتبر» وذلك لأن المناسب المرسل ثلاثة أقسام: ملائم، وهو ما علم اعتبار عينه في جنس الحكم أو جنسه في عين الحكم أو جنسه في جنس الحكم، وغريب، وهو ما لم يعلم ذلك فيه، وملغي، وهو ما علم إلغاء الشارع له، فالغريب ومعلوم الإلغاء مردودان اتفاقاً، والملائم مردود عند ابن الحاجب ومقبول عند الإمام والغزالي، والمؤلف # ذكر أنه معتبر لما يأتي من الدليل، إذا عرفت معنى الملائم فالحكمة في السببية التي هي محل النزاع لا بد أن يعتبر الشارع عينها في جنس الحكم أو جنسها في عينه أو جنسها في جنسه ليكون من الملائم، فيحتاج المؤلف # إلى إثبات معنى الملائم فيما نحن فيه حتى ينتهض جوابه # على القول بقبول الملائم، فيحقق النظر في إثباته، والله أعلم.

(قوله): «قالوا سببية الوصف الأول» أعني الزنا، وهو إيلاج فرج في فرج قبل.

(قوله): «في الوصف الثاني» أي: في سببية الوصف الثاني، وهو اللواطة، أعني إيلاج فرج في فرج دبر.

(قوله): «أما ما كانت حكمته ظاهرة منضبطة ... إلخ» كما تقدم من أن الجامع بين الزنا واللواطة هو الإيلاج المحرم المشتهى، والحكمة الزجر عن تضييع الماء في اللواطة كالزنا، لكن لا يخفى أن المخالف⁣[⁣٢] قصد أن سببية الوصف الأول وهو الزنا معللة بحكمة، وقد عرفت أنه إيلاج فرج في فرج قبل، ولا شك أنها غير متحققة في الوصف الثاني، وأما الجامع المذكور - وهو الإيلاج المحرم المشتهى - فلم يعتبر فيه كونه في قبل، وكذا حكمته المذكورة، فلم يكونا علة لسببية الزنا، أعني الإيلاج في قبل، فالحكم الثابت بهما هو وجوب الحد لا السببية المذكورة فتأمل، والله أعلم.


[١] هذا تهافت، فقوله: فإنا نقيس اللواطة على الزنا ... إلخ ليس بصحيح؛ إذ ليس المراد إلا القياس في سببيتها للوجوب؛ لاعتبار الشارع سببية الزنا المقيس عليه سببية اللواطة. (حسن بن يحيى عن خط العلامة السياغي).

[٢] مرادهم هنا بالتعليل بحكمة الحكمة الباعثة على شرع الحكم كالزجر مثلا لا التي جعلت إمارة وجامعاً بين الفرع والأصل كالإيلاج الذي ذكره مثلاً، والله أعلم. (حسن بن يحيى الكبسي عن خط العلامة المذكور).