هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسالة: في شروط حكم الأصل]

صفحة 315 - الجزء 3

  دفعت عن أيماننا، فقال عمر: كذلك الحق، ذكره الأسيوطي⁣(⁣١) في جمع الجوامع، فإنها شرعت للتغليظ في حقن الدماء؛ لإمكان القتل خفية، ووقعت لا نظير لها.

  (وأما ذو النظير)⁣(⁣٢) وهو القياس المعدول به عن سنن القياس وله معنى


(قوله): «فإنها شرعت للتغليظ» قد سبق أن هذا القسم ليس له معنى ظاهر، وإذا كان العلة التغليظ فهو معنى ظاهر، ولعله يجاب بأن ما سبق هو في تعيين الخمسين؛ إذ لم تعلم الحكمة فيه، وما ذكر هاهنا هو في مجرد تكثير الإيمان جملة وكونها لم تدفع عنهم.

(قوله): «لإمكان القتل خفية» أي: في غير حضور شاهدين، فيحلف على عدم القتل لا تردعه التقوى يميناً واحدة.

(قوله): «وأما ذو النظير» عبارة غير المؤلف # كالمنهاج والقسطاس: ويجوز القياس على خبر ورد بخلاف القياس، وفي الفصول: واختلف في الأصل المخالف لقياس الأصول، وفي الجوهرة: وأن لا يكون حكمه ثابتاً بخبر وارد بخلاف قياس الأصول. فينبغي أولا أن نبين كلامهم ثم نعود إلى كلام المؤلف #، فنقول: الذي في الفصول عن الحفيد أن المراد بالأصول الكتاب والسنة والإجماع المعلومة، وفي حواشيه وهو المحفوظ عن سيدنا: هي القواعد المقررة - أي: التي لم تنسخ - الواردة من جهة الشرع ولو مظنونة، والمراد بالقياس في قولهم: قياس الأصول مقتضى الأصول، وهو ما اقتضاه عموم الأصول كما هو المصرح به في الفصول وغيره لا القياس الشرعي الذي هو إلحاق فرع بأصل ... إلخ، ومعنى مخالفة الخبر لمقتضى الأصول أن يخالف حكما لم تثبته الأصول بعينه، ومعنى مخالفته للأصول نفسها أن يخالف حكما أثبتته الأصول بعينه، وقد أورد في الفصول أمثلة اختلف فيها هل هي من القسم الأول أو الثاني، وحينئذ فخبر العرايا خالف مقتضى قاعدة الربويات ولم يخالف الأصول نفسها؛ إذ لم يثبت فيها أن العرايا بعينها يحرم فيها التفاضل والنسأ، وحينئذ فيقاس عليه بيع العنب بخرصه زبيباً لحاجة الفقراء، إذا عرفت هذا فالمؤلف # خالف عبارتهم حيث قال: وأما ذو النظير وهو القياس المعدول به عن سنن القياس، ثم رجع إليها بقوله: وهو الذي يكون حكم أصله ثابتاً بنص وارداً بخلاف قياس الأصول ... إلخ، فقوله: وأما ذو النظير⁣[⁣١] أي: =


(١) لم يذكر في معتمد ابن بهران المستخرج من جامع الأصول شيئاً لمذهبنا عن رسول الله ÷، وهذا وجه العدول من المؤلف ¦ إلى الاحتجاج بفعل عمر. اهـ بل ذكر ابن بهران في شرح الأثمار مرفوعاً إلى رسول الله ÷ من طريق الشفاء مستنداً لمذهب أصحابنا. اهـ وفي ضوء النهار أنه رواه الشافعي والبيهقي عن عمر في قتيل وجد بين خيوان ووادعة من طريق مجالد، وهو لين، وأيضاً اختلف عليه فيه فقيل: عن الحارث الأعور، وقيل: عن الحارث بن الأزمع.

(٢) أي: حكم ذي النظير.

(*) وهو ما عدل به الشارع عن قاعدة مقررة إلى محل مخصوص لمعنى اعتبره فيه، وذلك المعنى موجود في محل آخر غير محل النص.


[١] لا مانع من إبقاء عبارة المؤلف على ظاهرها، أي: وأما القياس ذو النظير ... إلخ واصفاً له بوصف جزئه، أعني الحكم، وصفة الجزء صفة الكل، ولا محذور في التفاته إلى ذكر القياس عن السياق في الحكم، فالكلام في أحدهما كلام في الآخر، وحينئذ لا ترد هذه التكلفات، والله أعلم. (حسن بن يحيى الكبسي عن خط العلامة أحمد بن محمد السياغي |).