[مسالة: في شروط حكم الأصل]
  يقوم دليل قاطع على تعليله من إجماع أو غيره أو يكون له قياس أصل(١) آخر يصح أن يقاس عليه، قال: والذي لا يجوز القياس عليه مثل الخبر الوارد في الأكل ناسياً في نهار شهر رمضان أنه لا قضاء عليه، فإنه لا يجوز قياس الصلاة عليه، وكخبر الوضوء بنبيذ التمر، وخبر الوضوء من القهقهة في الصلاة، فلا يقاس على الأول الخل، ولا على الثاني سائر المفسدات من الأقوال والأفعال. وما يجوز القياس عليه لوروده معللاً فمثاله الخبر الوارد في جواز الوضوء بسؤر الهرة؛ لأنه معلل بقوله: «إنها من الطوافين عليكم والطوافات» فيقاس عليه ما يسكن البيوت بنفسه كالفار والأوزاغ وسباع الطير وما يجري مجراها، وحجته ما تقدم في الاحتجاج لمذهب المؤيد بالله إلا أن ينزل ما ثبت تعليله بنص أو إجماع مع ورود التعبد بالقياس منزلة النص والإجماع(٢) على كل حكم يحصل فيه مثل تلك العلة.
  وجواب متمسك المذهبين أن قياس قياس الأصول على الأصول إنما يتم لو لم يقس(٣) المخالف على أصل قد ثبت بالنص، أما على الثابت بالنص كما هو الفرض فلا؛ لمصيره بالنص من جملة الأصول، وغاية ما يلزم أنه استعمل القياس فيما يمنع منه بعض قياس الأصول ويجوزه بعض، وذلك جائز وخارج عن النزاع.
(قوله): «فمثاله» دخول الفاء على تقدير أما[١] في قوله: وما يجوز القياس عليه.
(١) عبارة الفصول: أو يكون حكمه موافقاً لبعض الأصول مخالفاً لبعضها، لكنه عزا هذا القول فيه إلى جمهور الحنفية، نعم، ومثل المهدي # لما كان حكمه موافقاً لبعض الأصول مخالفاً لبعضها بخبر التراد والتحالف عند وقوع التخالف فإنه وإن خالف القياس من حيث إن على المدعي البينة وعلى المنكر اليمين فقد وافق قياساً آخر، وهو أن القول قول المالك. (من الدراري للسيد صلاح).
(٢) رمز في بعض النسخ من قوله: والإجماع إلى قوله: ما تقدم، وعليه ما لفظه: ثبت هذا الرمز في نسخة صحيحة مقررة، إشارة إلى أنه عطف على خبر وحجته، أعني ما تقدم، والظاهر أنه عطف على النص فليتأمل.
(٣) ضبط في بعض النسخ بالمجهول، أي: القياس المخالف، وفي بعضها بالبناء للفاعل فاعله المخالف.
[١] بل لتضمن المبتدأ معنى الشرط كالذي يأتيني فله درهم. (أحمد بن محمد إسحاق ح).