هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: في شروط الفرع]

صفحة 324 - الجزء 3

  أن يقول: إن اختلاف الأصل والفرع تغليظاً وتخفيفاً يقضي باختلافهما في الحكم وإن كانت العلة الجامعة تقضي بالاتفاق فيه، فيقع التعارض حتى يتبين الرجحان.

  واعلم أنه قد شرط قوم شروطاً غير ما تقدم، والجمهور على أنها لا تشترط، فذكرها منفية فقال: (لا ثبوت حكمه جملة) يعني أنه لا يشترط أن يثبت حكم الفرع بالنص على جهة الإجمال، خلافاً لأبي هاشم، فإنه كان يذهب إلى وجوب تناول النصوص لها جملة، والقياس إنما هو للكشف عن مواضعها وانتزاع تفاصيلها، قال: ومثال ذلك أنه لو لم يثب بالنص أن الأخ وارث لما صح أن يحكم من طريق القياس بأنه يرث مع الجد⁣(⁣١)، وكذلك القول في سائر الفروع، فأما إثبات فرع لم يتناول حكمه نص على سبيل الجملة فإنه لا يصح، واحتج بأن الصحابة لم تستعمل القياس إلا في فروع هذه سبيلها، ألا ترى إلى قياسهم حد الخمر على حد القذف في تعيين عدد الجلدات⁣(⁣٢) لورود النص على حد الشارب على جهة الإجمال، ولم يثبت عنهم إثبات حكم من طريق القياس لفرع لا ذكر له في النصوص رأساً.

  (و) لا يشترط أيضاً (علم العلة فيه) أي: في الفرع، بل يصح القياس مع ظن


(١) عبارة بعض الشروح: كميراث الجد مع الإخوة الثابت بنص إجمالي ثم استعمل القياس لتفصيله. اهـ وفي شرح الجمع: فلولا العلم بورود ميراث الجد⁣[⁣١] جملة لما جاز القياس في توريثه مع الإخوة.

(*) مثاله أن النص قد ورد بكون الأخ وارثاً في الجملة، وهو قوله تعالى: {وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ}⁣[النساء: ١٧٦]، وكذلك الجد، من دون تعيين ما يستحقه الأخ مع الجد، فيعين بالقياس تفصيل ميراثهما عند الاجتماع، وذلك بأن يقاس الجد على الأب فيسقط الأخ، أو لا؛ إذ لو لم يكن الأخ منصوصاً عليه في الميراث لم يصح إثبات القياس فيه مع الجد. (شرح حابس).

(٢) الظاهر أن هذا قياس في المقادير، وقد تقدم أنه لا يجري فيها القياس.


[١] الدال عليه الإجماع وإطلاق قوله تعالى: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ}⁣[النساء: ١١].