هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: في شروط العلة]

صفحة 328 - الجزء 3

  وجودها، وكأن تكون دلالته على العلية أظهر من دلالته على العموم⁣(⁣١)، كما يقال: حرمت الربا في الطعام للطعم، فإن العلية في غاية الوضوح، والعموم في المفرد المعرف محل خلاف ظاهر، وقد سبق لهذا زيادة تحقيق.

  (و) من شروط العلة: (كونها وصفاً) ظاهراً منضبطاً⁣(⁣٢) في نفسه ليكون (ضابطاً لحكمة) شرعية الحكم (لا) حكمة (مجردة) عن الضابط؛ وذلك⁣(⁣٣) إما لخفائها كالرضا في التجارة فنيط بصيغ العقود لكونها ظاهرة منضبطة⁣(⁣٤)، أو لعدم انضباطها كالشقة فإن لها مراتب لا تحصى وتختلف بالأحوال والأشخاص اختلافاً كثيراً، وليس كل مرتبة مناطاً، ولا يمكن تعيين مرتبة منها؛ إذ لا طريق إلى تمييزها بذاتها وضبطها في نفسها، فنيطت بالسفر، اللهم (إلا) أن توجد حكمة مجردة عن المظنة تكون ظاهرة (منضبطة) بنفسها بحيث يمكن اعتبارها ومعرفتها (فيجوز) اعتبارها وربط الحكم بها على الأصح (لقصدها أصالة) إذ


(قوله): «وقد سبق لهذا زيادة تحقيق» يعني في بيان شروط الأصل.

(قوله): «وذلك» الإشارة إلى عدم كون العلة حكمة مجردة.

(قوله): «إلا أن توجد حكمة منضبطة» كحفظ العقل وحفظ النفس كما يأتي قريباً.


(١) دلالة العموم، كذا ظنن به السيد عبدالله بن علي الوزير.

(٢) ومنها أن يكون وصفاً ضابطاً لما يناسبه شرع الحكم لا ضابطاً لحكمة؛ لأن السفر مثلا إنما ضبط قدر المشقة التي يناسبها شرع التخفيف بالقصر والفطر، ولم يضبط الحكمة المقصودة من شرع القصر والفطر، وهي التخفيف على المسافر، فالسفر لم يضبط التخفيف وإنما ناسبه التخفيف. (مختصر وشرح الجلال عليه).

(٣) أي: اشتراط ألا تكون حكمة مجردة، وفي سيلان وجه آخر.

(٤) ولشدة الحرج في شأن النساء بقيت الحكمة ملاحظة غير مناطة بصيغة وهبت أو نذرت قال تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا}⁣[النساء: ٤]، ولم يقل: فإن نذرن أو وهبن؛ فلذا جزم المحققون من الأئمة بصحة رجوع المرأة فيما طابت به نفسها ظاهراً بهبة أو نحوها، وقد بسط ذلك العلامة في كشافه فراجعه. (من خط السيد العلامة عبدالقادر بن أحمد).