[مسألة: في شروط العلة]
  يعلم قطعاً أنها هي المقصودة للشارع، وإنما اعتبرت المظنة لمانع خفائها(١) واضطرابها، فإذا زال المانع من اعتبارها جاز قطعاً.
  (قيل:) لا يجوز(٢) تعليل الحكم بالحكمة المجردة عن الضابط مطلقاً(٣) لوجهين: أحدهما: أنه (لو جاز لوقع) من الشارع؛ للقطع بأنها إذا وجدت الحكمة التي هي المقصود الأصلي المطلوب بالذات من غير مانع ربط الشارع الحكم بها لا بمظنتها التي ربما يوهم الربط بها أنها المقصودة، لكنه لم يقع الربط بها مع انتفاء الموانع بحكم الاستقراء.
  (و) ثانيهما: أنه لو جاز (لما اعتبرت) في نظر الشارع (المظنة بدونها) وذلك عند تحقق خلوها عن الحكمة؛ إذ لا عبرة بمظنة الشيء - وهي ما يظن ثبوته فيها - في معارضة المئنة، وهي محل تحقق الثبوت، لكنه اعتبر المظان بدون الحكمة حيث ناط الترخص بالسفر وإن خلا عن المشقة كسفر الملك المترفه، ولم ينطها بالحضر وإن اشتمل على المشقة كما في الحدادين والفلاحين في القيظ في القطر الحار، فدل على أن المعتبر وجوداً وعدماً هو المظنة دون الحكمة.
(قوله): «عند تحقق خلوها» أي: المظنة، وضمير ثبوته للشيء، وضمير فيها لما يظن؛ لأنه عبارة عن المظنة، وإنما قلنا ذلك لئلا تخلو الصلة عن العائد.
(قوله): «في معارضة المئنة» هكذا في حواشي السعد، ولم تذكر المعارضة في شرح المختصر؛ فإن دليل المخالف غير متوقف عليها؛ لأن مراده أن المظنة لا عبرة بها عند انتفاء المئنة، وهذا لا يقتضي المعارضة. ولعله يقال: معنى المعارضة الاستغناء بالمظنة عن المئنة حيث لم ينتف الحكم لانتفاء الحكمة فتأمل.
(قوله): «ولم ينطها» تأنيث الضمير لرجوعه إلى ما دل عليه الترخص، وهو الرخصة.
(١) إضافة بيانية.
(*) كما في الرضا، واضطرابها كما في المشقة.
(٢) ومنع بعضهم التعليل بالحكمة مطلقاً مسنداً له إلى أنه لو جاز لوقع، ولم يقع من الشارع تعليل بحكمة مجردة عن الضابط. والجواب منع عدم الوقوع، مسنداً بأن وجوب غسل النجاسة معلل بقصد شرف الطهارة، وهي حكمة منضبطة. (شرح مختصر للجلال).
(٣) منضبطة أم لا.