[مسألة: في شروط العلة]
  لأن مظنة الشيء لا يجب اطرادها، بمعنى إذا وجدت وجدت الحكمة (و) لا (انتفاء) لأنها أيضاً لا يجب انعكاسها، بمعنى إذا انتفت انتفت الحكمة كما يجيء إن شاء الله عن قريب، فحين اعتبرت المظنة لم يرد سفر الملوك ولا حضر الفلاحين، فبطلت الملازمة.
  واعلم أن في التعليل بالحكمة ثلاثة أقوال: أولها: الجواز مطلقاً؛ لأنها المقصود في التعليل، وهو اختيار الإمام الرازي وأتباعه. والثاني: المنع مطلقاً، ونقله الآمدي وغيره عن الأكثرين. والثالث: التفصيل المذكور، وهو اختيار ابن الحاجب والهندي والبرماوي وغيرهم.
  (و) من شروط العلة: (أن لا تكون المتعدية المحل(١) أو جزأه) والمتعدية هي التي تتجاوز الأصل فتوجد في غيره، فيشترط فيها أن لا تكون عين محل حكم الأصل ولا جزءاً له، والمراد به الجزء الخارجي الذي يتركب المحل منه ومن غيره بحيث يكون كل منهما متقدماً عليه في الوجود ولا يحمل عليه، لا الجزء العقلي(٢) الذي يصح حمله على ما تركب منه ومن غيره فإنه لا يسمى عند
(قوله): «كما يجيء إن شاء الله تعالى عن قريب» لأنه سيأتي في مسألة ولا يضر العلة نقض حكمتها، التصريح بعدم لزوم الاطراد، وعدم الانعكاس هو مقتضى جواز تعدد العلل.
(قوله): «لا الجزء العقلي الذي يصح حمله ... إلخ» يعني وإذا كان المراد هو الجزء الخارجي فهو مختص بالمحل، فلا حاجة إلى تقييد الجزء بالمختص لإخراج الجزء المحمول؛ لتحققه في الفرع أيضاً، وقرينة هذا أن جزء الشيء حقيقة لا يكون إلا كذلك وأنه لا يسمى عند المتكلمين جزءاً، بل صفة نفسية، هذا توضيح المراد في هذا المقام.
(١) ومنها أن لا تكون المتعدية هي المحل الثابت فيه حكم الأصل، لكن لا يخفى أن هذا في قوة شرط المتعدية أن لا تكون غير متعدية، وهو خلف من القول. ويشترط أن لا تكون جزءاً منه مساوياً للكل كالناطق المساوي للإنسان، أما الجزء الأعم كالحيوان فإنه يصح التعليل به، كما يقال: يحرم[١] إيلام الإنسان لأنه حيوان، فيقاس عليه الفرس ونحوه، أما لو قيل: يحرم إيلام الإنسان لأنه ناطق لم يصح قياس الفرس عليه؛ لامتناع الإلحاق لعدم وجود العلة في الفرس. (مختصر وشرح الجلال عليه).
(٢) مثلا الخل الذي هو جزء من السكنجبين حقيقة لا توجد في غيره، وأما مطلق الخل الذي يوجد فيه وفي غيره فليس جزءاً منه حقيقة. (سعد).
[١] في المطبوع: «تحريم» في الموضعين، والمثبت من شرح الجلال للمختصر.