هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: في شروط العلة]

صفحة 333 - الجزء 3

  المتكلمين جزءاً.

  وإنما اشترط ذلك في العلة المتعدية (ليمكن الإلحاق) ومحل حكم الأصل وجزؤه لا يتصور تعديهما، فيتعذر الإلحاق حينئذ⁣(⁣١) (لا القاصرة)⁣(⁣٢) إن جوز التعليل بها فإنه لا يشترط فيها ذلك، فيجوز أن تكون المحل أو جزأه؛ لانتفاء مانع الإلحاق⁣(⁣٣)، مثل التعليل بالمحل قولك: الذهب ربوي لكونه ذهباً، والتعليل بجزء المحل كقولك: الترياق نجس لدخول لحم الأفاعي فيه.

  وقد تكون القاصرة وصفاً ملازماً كالنقدية في الذهب والفضة⁣(⁣٤)، ومركباً من داخل وخارج ومن ملازم وغير ملازم، وأمثلتها لا تخفى.

  ثم إن الكل اتفقوا على أن تعدية العلة شرط في صحة القياس، واختلفوا في


(قوله): «من داخل أو خارج» مثل عصير عنب مسكر، فالإسكار هو الخارج.

(قوله): «وغير ملازم» مثل نقدية الدراهم مع البياض أو السواد مثلا.


(١) إذ لا بد في إلحاق الفرع بالأصل من تحقق العلة في الفرع، ولا شيء من محل حكم الأصل أو جزئه المخصوص به بموجود في الفرع، أما محل الحكم فظاهر، وإلا اتحد الأصل والفرع، وأما الجزء المختص به فلأنه لو وجد في الفرع لم يكن مختصاً بالأصل، والفرض أنه مختص به، هذا خلف. (رفو).

(٢) إذا تقرر هذا فمتى كان التعليل بمحل الحكم كقولنا: يحرم الربا في التبر لكونه ذهباً، أو بجزئه الخاص كقولنا: يحرم الخمر لكونه معتصراً من العنب فيه شدة مطربة، أو بوصفه اللازم كقولنا: يحرم الربا في الذهب والفضة لكونهما قيماً لأشياء - كانت العلة قاصرة؛ لاستحالة وجود محل الحكم أو جزئه الخاص به أو وصفه اللازم له في غيره، فالمحل والجزء من لوازم القاصرة، ولكن بينهما عموم وخصوص، فكل تعليل بالمحل أو بجزء المحل علة قاصرة، وكل علة قاصرة قد تكون محلا أو جزءاً وقد تكون غيرهما، وهي الصفة اللازمة، ومتى كان وصفه أو جزؤه عاماً مشتركاً بينه وبين غيره كانت العلة متعدية، كقولنا: العلة في الخمر كونه شراباً فيه شدة مطربة. (من الاستعداد للموزعي).

(٣) كان الأظهر: لانتفاء إرادة الإلحاق، ويمكن أن تكون إضافة مانع بيانية، أي: مانع هو الإلحاق.

(٤) فإنه وصف ملازم لهما. ومثله في المستصفى بالصغر في الولاية عليه، وفيه نظر؛ فإنه ليس بلازم، فقد يكبر، فهو كالشدة المطربة في العصير إذا اشتد. (شرح ألفية البرماوي).