هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: في شروط العلة]

صفحة 335 - الجزء 3

  (و) أجيب ما تمسكوا به⁣(⁣١) أما أولاً: فبأنه قد (نقض بالثابتة بهما) يعني أن ما ذكروه من الاحتجاج منقوض بالقاصرة الثابتة بنص أو إجماع؛ لجري احتجاجهم بعينه⁣(⁣٢) فيها مع الاتفاق على جوازها، فلو صح ما قالوه لكان النص عليها عبثاً والإجماع عليها خطأ.

  (و) أما ثانياً: فبأنه قد (منع عدمها) يعني لا نسلم عدم الفائدة في العلة القاصرة وانحصارها في إثبات الحكم، بل فيها فوائد أخر، منها معرفة الباعث المناسب⁣(⁣٣)، فإن الحكم إذا عرف كذلك⁣(⁣٤) كان أقرب إلى القبول من التعبد المحض، ومنها دفع ما عسى⁣(⁣٥) يتوهم من إلحاق فرع بذلك الأصل لشبهة ترد لولا صارف تلك العلة القاصرة، ومنها أنه إذا قدر وصف آخر متعد وقد علمت قاصرة امتنع⁣(⁣٦) الإلحاق حتى يقوم دليل على أنه أرجح منها، بخلاف ما


(قوله): «إذا قدر وصف آخر متعد» تتوقف تعديته على دليل يدل على كونه مستقلا لا جزء المعارضة القاصرة الدالة على كونه جزءاً.

(قوله): «حتى يقوم دليل على أنه» أي: الوصف الآخر «أرجح منها» أي: من القاصرة. الذي في شرح المختصر: حتى يقوم دليل على كونه مستقلا لا جزءاً.


(١) في نسخة السيد العلامة عبدالقادر بن أحمد: عن ما تمسكوا به.

(٢) فإنه يمكن أن يقال: لا فائدة هناك لعليتها؛ لأنها إما بالنسبة إلى الأصل أو بالنسبة إلى الفرع، ولا سبيل إلى شيء منهما، فكل ما يجيبون به عن ذلك فهو جوابنا عن هذا. (رفواً).

(٣) ولا يتجه الجواب بأن الفائدة أمران: أحدهما: معرفة الباعث المناسب؛ لما عرفناك من أن الباعث إنما هو الغرض الذي هو الحكمة الغائية، ولا دلالة لمحل الحكم على غرض الحكم، وإلا جاز القياس في الأسباب، وسيأتي للمصنف منعه. وأما قوله: فيكون التعليل بالمحل أدعى إلى القبول فأضعف؛ لأن الداعي إلى القبول إنما هو الحكمة الظاهرة لا الخفية. وثانيهما: أنه إذا قدر وصف آخر متعد لم يتعد الحكم معه إلا بدليل على استقلاله بدون المحل الذي علل به المستدل، لكن لا يخفى أن هذا ليس فائدة للقياس، بل هي مانعة له؛ لأن مانع القياس إنما يعلل الحكم بمحل النص، فاستنباط خصمه لعلة غيره مصادرة كما سيأتي تحقيقه. (مختصر وشرح الجلال عليه).

(٤) أي: معللاً.

(٥) عبارة رفع الحاجب: ومنها أنها تفيد منع حمل الفرع على الأصل كما أن المتعدية تفيد إثبات الحمل؛ لأنا إذا علمنا أنها قاصرة منعنا القياس.

(٦) لجواز أن يكونا جزئي العلة فلا تعدية، وإن يكون كل منهما علة مستقلة فتحصل التعدية، وإذا جاز الأمران فلا تعدية.