هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: في شروط العلة]

صفحة 340 - الجزء 3

  شروط علة حكم الأصل مختلف فيه، واعتبر⁣(⁣١) ذلك فيما يجيء بعده من المسائل فإنه لم يصرح بالشرط في أكثرها وإن كان في معرض إثبات الشروط، وإنما غير فيها الأسلوب لما فيها من الخلاف، وإلا فهي من جملة الشروط.

  إذا عرفت ذلك فاعلم أن ابن الحاجب والهندي ومن وافقهما ذهبوا إلى أنه يشترط في العلة المستنبطة أن لا تتضمن⁣(⁣٢) زيادة على حكم الأصل؛ لأنها إنما


(قوله): «واعتبر ذلك» أي: أن المؤلف # ذكر شرطاً من شروط العلة مختلفاً فيه.

(قوله): «فيما يجيء من المسائل» التي أولها مسألة تعليل الحكم الثبوتي بالعدمي وآخرها مسألة جواز كونها مركبة؛ ولذا قال المؤلف # قبل فصل طرق العلة: ولما فرغ من بيان شروط العلة.

(قوله): «فإنه لم يصرح» تعليل للأمر باعتبار كون جميع المسائل الآتية شروطاً مختلفاً فيها، ووجه كونه علة له أنه لو صرح فيها بالاشتراط لم يحتج إلى هذا الاعتبار؛ لإغناء التصريح عنه، وإنما قال: في أكثرها لأنه قد صرح بالاشتراط في بعضها حيث قال: وفي اشتراط اطرادها ... إلخ، فلو صرح في باقيها لقال مثلا: وفي اشتراط كونها عدمية في الحكم الثبوتي خلاف، وكذا لقال: وفي اشتراط عدم نقض حكمتها خلاف، وعلى هذا قس باقي المسائل.

(قوله): «وإنما غير فيها» أي: في المسائل الآتية «الأسلوب» حيث لم يقل واشترط عند قوم.


(١) بصيغة الأمر، وهو الذي بنى عليه سيلان، وفي بعض الحواشي ما يدل على أنه بصيغة الماضي، أي: اعتبر المؤلف ذلك. اهـ قال في حاشية هنا: أي ذكر شروطاً مختلفاً فيها بأسلوب مغير عن قوله: ومن شروطها.

(٢) مثاله لو قال ÷: لا تبيعوا الحنطة بالحنطة إلا مثلا بمثل، وتجعل العلة الكيل، فإن الاسم يتناول القليل والكثير، والعلة أفادت زيادة على ما أفاده النص، وهي أن النهي إنما يتناول القدر الذي يكال. (منهاج).

(*) كما لو قيل: لا تبيعوا الحيوان بالحيوان إلا سواء، فيعلل بأن خلافه⁣[⁣١] ربا، فتستلزم هذه العلة حضور العوضين مع أن النص لم يشترط الحضور، لكن لا يخفى أن علل الربا قد تضمنت حرمته في غير الستة الأنواع التي ورد الحكم به فيها فقد زادت العلة حكماً على غير الستة، وبالجملة كل مستنبطة فلا بد أن يزيد حكم الفرع؛ لأن النص لم يتعرض له⁣[⁣٢]، والحق أن المتضمنة للزيادة إنما تمتنع إن نافت مقتضاه، أي: مقتضى النص؛ لأنها مما تعود عليه بالإبطال كما تقدم في تعليل إيجاب الشاة بسد خلة الفقير. (مختصر وشرحه للجلال).


[١] في المطبوع: فيعلل بأنه ربا. والمثبت من شرح الجلال للمختصر.

[٢] فيه نظر إذ الكلام حيث أثبت بالعلة المستنبطة زيادة في حكم الأصل، وأما حكم الفرع فهو متفق على جوازه فتأمل، والله أعلم.