هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: في جواز كون العلة عدمية]

صفحة 344 - الجزء 3

  المضاف إليه العدم إن كان منشأ مصلحة في ذلك الحكم فظاهر⁣(⁣١) بطلان كون عدمه مناسباً أو مظنة له؛ لأن عدمه يستلزم فوات تلك المصلحة، ولا شيء من المناسب ومظنته كذلك، ولا يجوز أن يكون العدم منشأ لمصلحة أرجح؛ لاستلزامه كون الوجود منشأ مفسدة؛ لأن ترك المصلحة الراجحة مفسدة، وهو خلاف المفروض⁣(⁣٢).

  وتوجيه الثاني - وهو ما يكون وجود ذلك الأمر المقيد به العدم منشأ مفسدة في ذلك الحكم إما لذاته أو لمنافاته المناسب - أن ذلك الأمر يكون حينئذ مانعاً من الحكم؛ لأنا ما نعني بالمانع عن الحكم إلا ما يكون وجوده منشأ مفسدة وعدمه عدم مانع، وعدم المانع ليس علة بل لا بد معه من مقتض، يقال: أعطاه لعلمه ولفقره، وسافر للعلم وللتجارة، ولو علل شيء منها⁣(⁣٣) بعدم المانع لعد


(قوله): «ولا يجوز أن يكون العدم منشأ لمصلحة أرجح» أي: أرجح من مصلحة الوجود.

(قوله): «لاستلزامه كون الوجود منشأ مفسدة» وقد فرضنا أنه منشأ مصلحة، وإنما كان منشأ مفسدة لكون العدم منشأ مصلحة أرجح؛ إذ لو كان الوجود منشأ مصلحة راجحة كان العدم منشأ مفسدة؛ لأن ترك المصلحة الراجحة مفسدة.

(قوله): «وهو» أي: كون الترك المذكور مفسدة «خلاف المفروض» إذ الفرض أن العدم⁣[⁣١] منشأ مصلحة أرجح.

(قوله): «وتوجيه الثاني» مبتدأ، خبره أن ذلك الأمر.

(قوله): «أن ذلك الأمر ... إلخ» هذا توجيه لكون ذلك الأمر منشأ مفسدة لذاته لا لمنافاة المناسب، وظاهر العبارة أنه توجيه لهما، وقد رجع المؤلف # في آخر الكلام بقوله: وأما ما كان وجوده إلى تصحيح العبارة.

(قوله): «ولو علل شيء منها» الظاهر في الضمير التثنية؛ لأن المتقدم الإعطاء والسفر، لكنه جمع الضمير باعتبار أن الإعطاء للعلم والإعطاء للفقر حكمان والسفر للعلم والسفر للتجارة حكمان.


(١) عبارة شرح المختصر للجلال: فباطل كون عدم المصلحة علة لشرع الحكم؛ ضرورة أن الحكم لا يشرع لعدم المصلحة فيه، لكن لا يخفى أن المدعى ليس عدم المصلحة في الحكم، بل عدم المصلحة في متعلقه، فإن تحريم العبث معلل بعدم المصلحة في العبث لا في تحريمه، فأين أحد الأمرين من الآخر؟ اهـ المراد نقله.

(٢) إذ قد فرضنا كون الوجود منشأ مصلحة.

(٣) أي: من الأحكام، إشارة إلى أن كون عدم المانع غير صالح للعلية ضروري. (سعد).


[١] الصواب: إذ الفرض أن القيد منشأ مصلحة، يعني أن الكلام الآن على هذا التقدير، وهو ظاهر، والله أعلم. (محسن بن إسماعيل الشامي ح).