هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الخلاف في كون العلة مركبة]

صفحة 394 - الجزء 3

  أي: المقتضي (فمع عدمه) يكون انتفاء الحكم معهما (أجدر) للخلو عن المعارض.

  (قيل) في الاحتجاج للمخالف: إذا لم يوجد المقتضي كان (عدم الحكم لعدمه) لا لهما كما زعمتم، فكان إسناد انتفاء الحكم إلى وجود المانع أو انتفاء الشرط باطلاً.

  (قلنا:) لا يلزم من استناده إلى عدم المقتضي أن لا يستند إليهما؛ إذ غايته أنها (أمارات متعددة) وذلك جائز.

  فإن قيل: إن هذا الانتفاء أصلي لا شرعي، وكلامنا في القياس الشرعي، فكيف يجوز القياس له؟

  قلنا: هو شرعي؛ لأن عدم المدرك مدرك شرعي؛ بدليل قوله تعالى: ({قُلْ لَا أَجِدُ}) الآية [الأنعام: ١٤٥]، حيث جعل العدم فيها دليلاً⁣(⁣١)، وهو كثير في الفتاوى والأحكام، مثل قولهم: فوائد الغصب لا تضمن لأنها لم تغصب، ويجوز أن يكون قياساً عقلياً، وذكر أثناء الشرعيات استطراداً.


(قوله): «فإن قيل: إن هذا الانتفاء» أي: عدم الشرط، وكذا عدم المقتضي.

(قوله): «أصلي» أي: ثابت بالبراءة الأصلية.

(قوله): «فكيف يجوز القياس له» أي: لأجله، بأن يكون هو علة القياس الشرعي.

(قوله): «لأن عدم المدرك» أي: عدم المقتضي وعدم الشرط.

(قوله): «لأنها لم تغصب» فعدم الغصب قد جعل علة لحكم شرعي، وهو عدم الضمان.

(قوله): «ويجوز أن يكون» أي: القياس لأجل هذا الانتفاء «قياساً عقلياً».

(قوله): «وذكر أثناء الشرعيات» أي: فيها.


(١) هذا الدليل في غاية الضعف؛ لأن النبي ÷، يعلم جميع ما أوحي إليه بدليل: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ}⁣[القيامة: ١٧]، وليس كل عالم يعلم جميع ما جاء به النبي ÷ من الأحكام، فلا يدل في حق العالم عدم وجدانه الدليل على عدم وجوده، ونظير ذلك قول القائل: لا أجد في خيلي أبيض لأنها محصورة عنده، ولم أجد فيما أمرني به السلطان كذا، ولا يكون دليلاً على العدم قول من يقول: لم أجد في خيل عصرنا أبيض، ولم أجد في أمر السلطان للناس كذا، وفي المواقف وشرحها تحقيق لذلك فيحسن الرجوع إليه. (عن خط السيد العلامة عبدالقادر ابن أحمد |).