هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[المسلك الأول: الإجماع]

صفحة 397 - الجزء 3

[طرق العلة]

  ولما فرغ من بيان شروط العلة وما يتعلق بها شرع في بيان الطرق الدالة على عليتها لأن كون الوصف الجامع علة حكم خبري غير ضروري، فلا بد في إثباته من الدليل، وذلك إما إجماع أو نص أو استنباط - فقال: (فصل: وطرق العلة) ويعبر عنها أيضاً بمسالك العلة:

[المسلك الأول: الإجماع]

  (منها: الإجماع) وإنما قدمه على النص الذي هو الأصل للإجماع⁣(⁣١) لوجهين: أحدهما: أن الإجماع أقوى قطعياً كان أو ظنياً⁣(⁣٢)؛ ولهذا يقدم على النص عند التعارض. وثانيهما: أن النص تفاصيله كثيرة.

  والمراد من ثبوتها بالإجماع أن تجمع الأمة على أن هذا الحكم علته كذا، كإجماعهم في حديث مسلم والترمذي والنسائي: «لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان» على أن علته شغل القلب وتشويش الغضب للفكر، ولا يتوهم أن


(قوله): «ولما فرغ من بيان شروط العلة» قد عرفت فيما سبق في بحث اشتراط عدم تضمن المستنبطة زيادة على النص أن المؤلف # لم يصرح بالشرطية في أكثر المسائل التي سبقت لما فيها من الخلاف مع أنها من شروط العلة، فكلامه هنا مبني على هذا.

(قوله): «حكم خبري» أي: يحتمل خلاف الواقع «فلا بد من إثباته بالدليل» إذ لو كان إنشائياً لم يتصور إثباته بالدليل، ولو كان ضرورياً لكان مستغنيا عن إثباته بالدليل، قال السعد: فإن قيل: أليست الأحكام الشرعية تثبت بالدليل مع أن عامتها طلب قلنا: المثبت بالدليل هو أن فعل كذا قد تعلق به خطاب كذا، وهو خبري⁣[⁣١].


(١) ولذلك عكس البيضاوي.

(٢) ومنع الرازي وجماعة وقوعه على الأسباب، ومثل الوقوع بالإجماع على كون الصغر علة الولاية على الصغير، وأجيب بأن دليل العلية نص القرآن في قوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى ..} الآية [النساء: ٦]، فيكون ذلك من الثاني من المسالك. (جلال).


[١] عبارة السعد: وهذا خبري.