هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الدوران]

صفحة 461 - الجزء 3

  الظن بالعلية، ألا ترى أن إنساناً لو دعي باسم فغضب ثم ترك فلم يغضب، وتكرر ذلك منه علم أن ذلك سبب الغضب، حتى إنه يفهمه من ليس أهلاً للنظر من الأطفال فيتبعونه داعين له بذلك الاسم ليغضب، ومنعه قدح في التجريبيات وإنكار للضروريات⁣(⁣١)؛ للعلم بأن الأطفال يقطعون به من غير استدلال بأمر آخر.

  (قيل) في الاحتجاج للقائلين بأنه لا يفيد شيئاً: الوصف إنما يثبت بالدوران عند⁣(⁣٢) خلوه عن سائر المسالك، وحينئذ يحصل (تجويز ملازمته للعلة)


= - نحو إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود - ليتحقق أحد شقي الدوران أعني الطرد وجوداً، فإنه إنما يصدق في المساوي؛ إذ مع الشرط الأعم كالإحصان لا يلزم وجود المشروط بوجود الشرط، وأما الشق الآخر من الدوران أعني العكس وهو عدم المشروط عند عدم الشرط فلا بد منه في الشرط الأعم والأخص؛ إذ العكس مأخوذ في حقيقة الشرط.

(قوله): «ومنعه قدح في التجريبيات وإنكار للضروريات للعلم بأن الأطفال يقطعون ... إلخ» يقال: قد سبق اشتراط أن لا يوجد مانع من معية أو معلولية أو شرطية، فكيف يلاحظ ذلك من لم يكن من أهل النظر كالصبيان؟ فإن هذه الثلاثة إنما يعرف معناها الأذكياء بدقيق النظر، فاشتراط عدمها في علية الدوران قادح فيما ذكر، ولم يذكر في شرح المختصر اشتراطها، وإنما شرط ذلك الجمهور في استدلالهم، وقد دفعه في شرح المختصر بقوله: وقد يقال بأن هذا إنكار للضروري وقدح في جميع التجريبيات، فإن الأطفال يقطعون به من غير استدلال بما ذكرتم. فالمؤلف # قد جمع بين ما شرطه الجمهور بقوله: فإذا وجد ولا مانع ... إلخ وبين ما ذكره في شرح المختصر بقوله: فإن الأطفال ... إلخ، فورد من الجمع بينهما ما ذكرنا.

(قوله): «عند خلوه عن سائر المسالك» كالسبر والمناسبة ونحوهما وعن كون الأصل عدم الغير.

(قوله): «يحصل تجويز ملازمته ... إلخ» هكذا شرطوا في حصول التجويز كما ذكر، =


(١) قلنا: إنما نفينا دلالة الدوران إذا لم يقترن به الاستدلال بغيره من مناسبة للوصف أو أن الأصل عدم غيره أو نحو ذلك، وما ذكرتم لم يتحقق فيه انتفاء غير الدوران؛ لأن انتفاء مناسبة الاسم للغصب غير ظاهر، بل المعلوم أنه لا يحصل الغضب إلا عن اسم خسيس، ولو سلم أنه ليس بخسيس قلنا: لولا ظهور انتفاء غير ذلك الاسم ببحث أي: بسبر وإلغاء، أو بأنه أي: الانتفاء الأصل لم يظن كونه هو العلة، وأيضاً الغضب من الاسم إن حصل بأول إطلاق فما ذاك إلا لهجنة في الاسم أو نحوها فيكون مناسباً، وإن لم يحصل بأول إطلاق فذلك دليل عدم تأثيره في الغضب، وهو المطلوب. (مختصر وشرحه للجلال).

(٢) وما قيل من أن ذلك إنكار للضرورة وقدح في التجريبيات غير متجه؛ ضرورة أن علية السقمونيا للإسهال إنما تعلم في المبادئ إذا علم أن الأصل عدم مسهل غيره، وإن علمت في المناهي بلا شرط. (جلال).