[فصل: في الاعتراضات]
= من المدعى لم يستلزم بطلانه وجود المدعى حتى يكون بينه وبينه تقابل النقيضين. فإن قلت: قد جوزوا دفع النقض الإجمالي والمعارضة، وهما سندان لمنع المدعى، فقد صح دفع السند فيهما مع أنهما مانعان من المدعى مخصوصان، وانتفاء مانع معين لا يستلزم انتفاء كل مانع، فليس إبطالهما مساوياً للمدعى، قلت: إنما جوزوا ذلك بناء على أن الخصمين قد تصادقا على أن لا مانع من الحكم سواهما، فيحصل بدفعهما انقطاع المعترض كما يحصل انقطاعه يدفع السند المساوي، ولهذا قالوا: يصير دافع النقض والمعارضة معترضاً، والناقض والمعارض مستدلاً، له ما للمستدل وعليه ما عليه، إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم أن كلا من الاعتراضات الآتية كلها راجعة إلى منع أو معارضة، بل عرفناك أن المعارضة منع أيضاً للعمل بالدليل؛ لأنها توجب توقفه إذا تمت، وإلا يرجع شيء منها إلى أحد الأمرين فلا يسمع، وهي خمسة وعشرون اعتراضاً بحكم الاستقراء لما وقع من ذلك لا لحصر عقلي، وإلا فالمتعقل هو الاعتراض بعدم مقتض أو عدم شرط أو وجود مانع، ثلاثة في أصل أو فرع أو علة تصير تسعة، في نقض بنوعيه أو منع أو معارضة تصير سبعة وعشرين، وباعتبار تعدد شروط كل من الأصل والفرع والعلة الاعتراض بعدم كل واحد من الشروط يحتاج إلى مثال، فتتعدد الأمثلة، مع أنهم قد ذكروا غير ذلك كالاستفسار وغيره كما ستعرفه إن شاء الله تعالى، وتركوا كثيراً مما ذكرنا، فلنقف على ما ذكروه، فقالوا: أنواعها سبعة باعتبار أنها لازمة للمستدل: أحدها: تفهيم ما يقوله، ثانيها: وضع قياسه فيما لا منع من القياس فيه، ثالثها: إثبات حكم الأصل، رابعها: إثبات علته، خامسها: بيان وجودها في الفرع، سادسها: بيان كون جميع ذلك على وجه يستلزم ثبوت حكم الفرع، سابعها: أن يكون الثابت في الفرع بذلك القياس هو مطلوبه، فالأول من السبعة واحد لا غير، ويسمى الاستفسار. والثاني اثنان: فساد الاعتبار وفساد الوضع، صارت ثلاثة. والثالث اثنان: منع حكم الأصل بغير تقسيم، ويسمى منع حكم الأصل، وبعد تقسيم، ويسمى التقسيم، صارت خمسة. والرابع عشرة: أحدها: منع وجود العلة المعينة في الأصل، ثانيها: منع كونها علة وإن وجدت، ثالثها: معارضتها، رابعها: استلزامها مفسدة، ويسمى القدح في المناسبة، خامسها: عدم حصول الغرض من الحكم بها، ويسمى القدح في إفضاء الحكم إلى المقصود، سادسها: منع ظهورها، سابعها: منع انضباطها، ثامنها: نقضها، تاسعها: كسر حكمتها، عاشرها: عدم انعكاسها، صارت خمسة عشر. والخامس خمسة: الأول: منع وجودها في الفرع، ثانيها: معارضتها فيه بأخرى توجب نقيض حكمها، ثالثها: عدم تساوي وجودها في الأصل والفرع ببيان أنه تأخر في الفرع شرط من شروطها في الأصل أو وجد مانع، ويسمى الفرق، رابعها: اختلاف ضابطها في الأصل والفرع، خامسها: اختلاف المصلحة المقصودة فيهما، صارت عشرين. السادس أربعة يشملها اسم القلب: أولها: بيان مخالفة حكم الفرع لحكم الأصل، ثانيها: موافقته لمذهب المعترض، ثالثها: استلزامه لبطلان مذهب المستدل صريحاً، رابعها: استلزامه لبطلان مذهب المستدل ضمناً. السابع واحد، وهو القول بموجب القياس مع بقاء النزاع، صارت خمسة وعشرين، إلا أن المصنف عد سؤال التركيب وسؤال التعدية من الخمسة والعشرين، ولم يشملها الضبط المذكور، ولم يتعرض للاعتراض بعدم الانعكاس. اهـ المراد نقله من المختصر، وشرحه للعلامة المحقق الجلال.