هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل: في الاعتراضات]

صفحة 467 - الجزء 3

  منع مقدمة الدليل) ومعنى المنع في عرفهم طلب الدليل على مقدمته المعينة، سواء طلب على⁣(⁣١) كل واحد منها أو على بعض معين، لا على المجموع من حيث هو مجموع؛ لعدم إمكان إقامة الدليل عليه⁣(⁣٢)، فيكون منعه مكابرة، إلا أن يقارن


(قوله): «ومعنى المنع في عرفهم طلب الدليل على مقدمته المعينة» سيأتي إطلاق المنع⁣[⁣١] على غير ما يصدق عليه هذا التعريف، وهو النقض الإجمالي حيث قال المؤلف #: والنقض الإجمالي وهو منعه أي الدليل بشاهد، مع أن النقض الإجمالي في عرف أهل المناظرة تخلف الحكم عن الدليل لا منعه. ويمكن أن يجاب بأن المؤلف # أراد بالمنع هنا هو المعنى الأخص، وهو المراد بالمنع إذا أطلق، وفيما يأتي أراد به المنع بالمعنى الأعم، فإنه ذكر في شرح آداب البحث أن للمنع معنيين: أعم متناولا للنقض الإجمالي والمناقضة، وأخص وهو ما ذكره المؤلف # هنا، ولكن المؤلف أجمل الكلام والمراد ما ذكرنا.

(قوله): «لعدم إمكان إقامة الدليل» أي: من المعترض⁣[⁣٢] «عليه» أي: على منع المجموع من حيث هو مجموع، أي: لا يمكنه مع بقائه على الاعتراض بالمناقضة إقامة الدليل «فيكون منعه مكابرة» بغير دليل، وإنما لم يمكنه لأنه لو قرن المنع بشاهد لخرج عن المناقضة وكان اعتراضه نقضاً إجمالياً، ولو قال المؤلف #: لعدم إمكان إقامة الدليل عليه إذ لو قارنه بشاهد ... إلخ لكان أحسن، هذا ولعل المؤلف # أراد بمنع المجموع من حيث هو مجموع منع الدليل كما في شرح آداب البحث حيث قال: اعلم أن المنع على ما ذكروه منع بعض مقدمات الدليل أو كلها على سبيل التعيين لا منع الدليل؛ لأن منع الدليل إما أن يقارن بشاهد يدل على الممنوعية أو لا، فإن كان الأول فهو نقض إجمالي لا مناقضة، وإن كان الثاني - أعني منع الدليل على الإجمال بلا شاهد - فهو مكابرة غير مسموعة أصلاً انتهى. وإنما حملنا كلام المؤلف على ما في شرح الآداب من أن المراد بمنع المجموع منع الدليل لأن المؤلف جعل مقارنة المجموع بشاهد نقضاً إجمالياً، والنقض الإجمالي كما سيأتي منع الدليل بجملته، فإن قلت: كيف جوزوا منع المقدمة المعينة بلا شاهد ولم يعدوه مكابرة، ولم يجوزوا منع الدليل بلا شاهد بل جعلوه مكابرة؟ قلنا: أجاب في حواشي شرح الآداب بأن منع المقدمة معناه طلب الدليل عليها، وطلب الدليل متحقق سواء ذكر الشاهد أو لا، وأما منع الدليل فمعناه أن دليلك ليس بجميع مقدماته صحيحاً، فحينئذ يكون المعترض مدعياً فعليه الدليل، وقد أشار المؤلف # إلى هذا بقوله فيما يأتي: لأن حاصله دعوى أنه غير صحيح، ثم قال: والقول بأنه غصب لمنصب المستدل مردود بأنه لو قد تم لكان النقض غصباً، بل المعارضة أيضاً، فما هو جوابكم فهو جوابنا.


(١) «على» ساقطة من المطبوع.

(٢) والدليل هو مجموع المادة والصورة، ولا يمكن إثبات الدليل على المجموع من حيث هو مجموع؛ لأنه ليس بحكم، إنما الحكم بين طرفيه، والمنع لا يتوجه إلا على الحكم، أعني النسبة بين الطرفين. (من الروض الناضر في آداب المناظر للسيد حسن الجلال).


[١] يقال: قد أدخله المؤلف فيه تبعاً بقوله: إلا أن يقارن أي المنع بشاهد يدل على الممنوعية فهو أي المنع النقض الإجمالي، فكأنه قال: ومعنى المنع طلب الدليل ... إلخ أو النقض الإجمالي، فلا غبار، إنما الخارج عن العرفي منع المجموع بغير شاهد، والله أعلم. (حسن بن يحيى).

[٢] شكل عليه في بعض الحواشي، وعليه ما لفظه: الظاهر من المستدل، ومعنى عدم إمكانه ما ذكره في بعض الحواشي.