هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل: في الاعتراضات]

صفحة 486 - الجزء 3

  فقد ظفر السائل بأقصى مرامه.

  والصحيح أنه لا ينقطع إلا بالعجز عن إقامة الدليل، وكونه انتقل إلى حكم شرعي كالأول مجرد وصف طردي غير مؤثر في عدم التمكين؛ لأن الواجب على ملتزم أمر إثبات ما يتوقف عليه غرضه كثرت مقدماته أو قلت، على أن مقدماته ربما تكون أقل؛ بأن يثبت بالإجماع أو النص الجلي الواضح. واختار الغزالي اتباع عرف المكان⁣(⁣١) الذي هو فيه ومصطلح أهله، واختار الأستاذ أبو إسحق الإسفرايني الانقطاع عند ظهور المنع، وعدمه عند خفائه؛ لظهور عذره.

  (و) إذا أقام المعلل الدليل فإنه (لا ينقطع السائل حينئذ في الأصح؛ إذ لا يلزم من صورة دليل صحته) فيطالب بصحة كل مقدمة من مقدماته، وهو معنى المنع، وقيل: ينقطع؛ لأن اشتغاله بما أقامه المعلل دليلاً على المقدمة الممنوعة اشتغال بالخارج عن المقصود، وربما يفوته، قلنا: لا نسلم؛ إذ المقصود لا يحصل إلا به طال الزمان أو قصر.

  (و) ثانيهما: (التقسيم) وهو عام الورود في جميع المقدمات، وإنما


(قوله): «على أن مقدماته» أي: حكم الأصل، وقوله: «أقل» أي: أقل من مقدمات الحكم الأول. قال في شرح المختصر: نعم لو اصطلح عليه نظراً إلى ذلك لم يبعد، ولذا اختار الغزالي ... إلخ.

(قوله): «ومصطلح أهله» أي: أهل بلد المناظرة، فإن عدوه قطعاً فقطع، وإلا فلا؛ لأنه أمر وضعي لا مدخل فيه للشرع والعقل.

(قوله): «اشتغال بالخارج عن المقصود» كمن غرضه صحة بيع فاشتغل ببيان صحة نكاح.

(قوله): «وربما يفوته» أي: المقصود بالاشتغال؛ لأنه قد يتم المجلس ولم يكن قد تم بيان صحة ما هو خارج عن المقصود.

(قوله): «قلنا لا نسلم» كونه خارجا عن المقصود.

(قوله): «طال الزمان أو قصر» أي: ولا عبرة بطول الزمان وقصره ووحدة المجلس وتعدده.

(قوله): «في جميع المقدمات» يعني التي تقبل المنع.


(١) فإن كان عرف المكان أنه يحصل الانقطاع بمنع حكم الأصل فيحكم بانقطاع المستدل، وإن كان عرفه أنه لا يحصل الانقطاع به لا يحكم بانقطاعه؛ لأن للجدل مراسم محصورة بحكم المواضعة فلا يجوز العدول عنها. (شرح مختصر للخبيصي).