هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل: في الاعتراضات]

صفحة 502 - الجزء 3

  المفضي إلى الفكر والنظر المفضي إلى الفجور، فيعترض بأن تأبيد التحريم لا يفضي إلى دفع الفجور، بل ربما يفضي إليه؛ لكونه عبارة عن سد باب النكاح والمنع منه، والإنسان حريص على ما منع منه.

  (والجواب ببيانه) أي: الإفضاء، كأن يقال: التأبيد مانع عما ذكر عادة؛ إذ بالدوام يصير كالطبع فلا يبقى المحل مشتهى كالأمهات.

  خامسها: (القدح في المناسبة بلزوم مفسدة راجحة أو مساوية)⁣(⁣١) إذ المناسبة تنخرم بالمعارضة كما سبق (والجواب بالترجيح) للمصلحة إما (تفصيلاً)⁣(⁣٢) بان هذا ضروري أو قطعي أو أكثري أو معتبر نوعه في نوع الحكم،


(قوله): «المفضي إلى الفكر والنظر» الحاصلين من رفع الحجاب وتلاقي الرجال والنساء المرفوع بينهم الحجاب.

(قوله): «المفضي إلى الفجور» صفة للطمع.

(قوله): «مانع عما ذكر» من الطمع.


(١) وقد نبهناك عند قوله: وتنخرم المناسبة بلزوم مفسدة راجحة أو مساوية على أن لا سبيل إلى مصلحة إلا بمفسدة؛ لكن في ذلك بحث، وهو أن القائس بالمناسبة إنما يستخرج العلة المناسبة بعد ثبوت الحكم بالشرع، والمفسدة والمصلحة إنما تنشأ من الحكم لا من العلة، فما معنى إبطال علية المناسبة باستلزام الحكم للمفسدة وقد حصل الحكم بالشرع، ولا بد له من علة مناسبة، وإلا لزم التعبد تحكماً لا لمرجح، فإن أجيب بأن المراد أن الشارع لا يصح منه الحكم لعلة يستلزم الحكم لأجلها مفسدة فهذا الجواب إنما يتمشى على التحسين والتقبيح العقليين، وليس ذلك من مذهب المصنف، وإن أريد أن القائس لا يقيس على علة يكون إثبات الحكم بها في الفرع مستلزماً لمفسدة فهذا رجوع إلى منع القياس بالأصالة؛ إذ لا بد من استلزام الحكم للمفسدة كما عرفناك، لكن الشارع يرجح المصلحة في حكم الأصل، فإن جعلنا العلة مستلزمة لتلك المصلحة في كل محال وجودها فهذا كاف في تصحيح القياس، وإن قلنا: إنه إنما يستلزم المصلحة في محل النص فقط فهذا هو دليل مانع القياس بنفسه. نعم: هذا الاعتراض يتجه على حكم غير الشارع وتعليله. (شرح الجلال على المختصر).

(٢) وجوابه بالترجيح للمصلحة على المفسدة تفصيلاً بكون المصلحة ضرورية والمفسدة حاجية، أو المصلحة دينية والمفسدة مالية، وأما الترجيح بأن هذه العلة اعتبر نوعها في نوع الحكم وتلك اعتبر نوعها في جنسه، أو أن إفضاءها قطعي أو أكثري وإفضاء تلك ظني أو أقلي كما توهمه بعض الأفاضل فوهم؛ لأن هذا من الترجيح لإحدى العلتين لا من الترجيح للمصلحة على المفسدة التي ادعى المعترض انخرام المناسبة بها. (شرح المختصر للجلال).