[فصل: في الاعتراضات]
  لاحتياجها إلى مسلك صحيح) والقدح في العلة مطلوب السائل فلا انتقال (وقيل: لا) يكون له ذلك (للانتقال) من نقضها إلى نقض دليلها، قلنا: هو تتميم للإبطال لا انتقال، هذا إذا ادعى انتقاض دليل العلية معيناً (وأما) إذا ادعى أحد الأمرين غير معين بأن مال إلى (إلزام أحد النقضين) إما نقض العلة أو نقض دليلها(١)، وكيف كان لا تثبت العلية؛ أما على الأول فلأن النقض يبطلها، وأما على الثاني فلأنها لا تثبت إلا بمسلك صحيح (فمسموع) ذلك الإلزام من السائل (بالاتفاق) لأن عدم الانتقال فيه ظاهر(٢).
  (و) الثاني من الأجوبة: (منع التخلف) بأن يقول: لا أسلم عدم الحكم في صورة النقض (و) الأصح أن (للسائل الإثبات) للتخلف بإقامة الدليل عليه
(قوله): «لاحتياجها إلى مسلك صحيح» هذا مقتضى ما في حاشية السعد، لكن يقال: المسلك الصحيح هو دليل العلية، والكلام هنا في نقض دليل وجود العلة في الأصل، وفرق بينهما؛ فإن دليل وجودها هو الحس أو العقل أو الشرع كما سبق، ودليل العلية أحد المسالك المعروفة، ويؤيد ما ذكرنا من أن المراد نقض دليل الوجود ما في شرح المختصر حيث قال: فينتقض دليلك لوجوده في محل النقض بدون مدلوله، وهو وجود العلة، قلت: لكن في آخر كلامه ما يشعر بأن المراد دليل العلية؛ لقوله: لأنه انتقل من نقض العلة إلى نقض دليلها، ولقوله: ولعل ذلك أن القدح في دليل العلة قدح في العلة، ويمكن تأويله بأن المراد نقض دليل وجود العلة والقدح في دليل وجودها. وقد مثل النيسابوري هذا البحث بقوله: كقول الحنفي في صوم الفرض إذا نوى قبل الزوال: أتى بمسمى الصوم فيصح كما لو بيت النية، وإنما قلنا: أتى بمسمى الصوم لأنه عبارة عن الإمساك من أول النهار إلى آخره مع النية، فينقض المعترض بما إذا نوى بعد الزوال فإنه أتى بمسمى الصوم فمنع المستدل وجود العلة فيما إذا نوى بعد الزوال، فقال المعترض: هذا المنع ينقض دليلك المذكور على وجود علة صحة الصوم فيما إذا نوي قبل الزوال. انتهى وكلامه قريب؛ لأن الدليل على وجود العلة ما أشار إليه بقوله: لأنه عبارة عن الإمساك ... إلخ.
(قوله): «هذا إذا ادعى» أي: المعترض.
(١) أما لو قال: يلزمك إما انتقاض علتك أو انتقاض دليلها كان متجهاً؛ لأنه لا اعتراف حينئذ بوجودها، وقد عرفت أن عدم سماع نقض دليلها إنما كان لأنه رجوع إلى جحدها بعد الاعتراف بوجودها لا لأنه انتقال كما ذكره المصنف. (شرح الجلال ومختصره).
(٢) إذ لا يلزم فيه انتقال، وإنما يلزم أحد الأمرين؛ لأنه لا يخلو إما أن يعتقد وجود الصوم في صورة النقض أو لا، فإن اعتقد انتقضت علته، وإن لم يعتقد انتقض دليل علته. (نيسابوري). تظهر هذه الحاشية بما نقله سيلان هنا من تمثيل النيسابوري فراجعه.