هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل: في الاعتراضات]

صفحة 517 - الجزء 3

  بالتأثير؛ لجواز أن لا تكون علة فلا تؤثر في أصل أصلاً، وإما باحتمال تأثير المبدى، والاحتمال كاف؛ لأنه لا يدعي عليته حتى يحتاج إلى شهادة أصل آخر، قيل: ولأن أصل المعلل أصل السائل⁣(⁣١) بأن يقول: العلة القوت دون الطعم أو كلاهما كما في البر بعينه، فمطالبته بأصل مطالبة له بما قد تحقق حصوله، وفيه شيء؛ لأن الكلام في تأثيره فيه، فلا بد لبيانه من أصل آخر.

  (والجواب) لهذا الاعتراض من وجوه، هي⁣(⁣٢): إما (منع وجوده) أي: وصف السائل، كأن يعارض الكيل بالادخار، فيقول المعلل: العبرة بزمن الرسول ÷، ولم يكن مدخراً حينئذ (أو) منع (تأثيره) بأن يقول المستدل: لا أسلم تأثير ما أبديت، فهلم الدليل على تأثيره، وهذا إنما يسمع من المستدل


(قوله): «بالتأثير» متعلق ببيان علته، أي: بتأثير ما أبداه المعترض في أصل آخر، وقوله: لجواز أن لا تكون علة هكذا في شرح المختصر، وينظر في زيادة لفظ جواز⁣[⁣١].

(قوله): «لأنه لا يدعي عليته» أي: لا يدعي عليته قطعاً، فلا ينافي ما تقدم من أن الصالح للاستقلال يحتمل أن يكون علة دون الأول.

(قوله): «قيل ولأن أصل المعلل ... إلخ» ذكره ابن الحاجب وشراح كلامه، واعترضه المؤلف # باعتراض قوي حيث قال: وفيه شيء؛ لأن كلام المعلل في تأثير وصف المعترض في أصله، وهو البر، ولم يكن المعترض قد دل على تأثيره فيه، فلا بد لبيانه من أصل آخر حتى يتم غرضه؛ بأن يقول للمعلل: قد ثبت ما أبديت في كذا من دون وصفك.


(١) قال النيسابوري: وأيضاً لو سلم أنه يحتاج إلى أصل يتكلم عليه فأصل المستدل أصله، وكما يشهد أصل المستدل - وهو القتل بالمحدد مثلاً - لوصف المستدل - وهو القتل العمد العدوان - يشهد لوصف المعترض، وهو القتل العمد العدوان بجارح.

(*) عبارة المختصر وشرحه للجلال هكذا: وأيضاً فأصل المستدل أصله، بمعنى أنه يلزم المعترض إلحاق ما وجد فيه وصف المعارضة بالأصل الذي جعل العلة فيه وصفاً⁣[⁣٢] لو كان مستدلاً، وإلا فالفرض أنه غير مستدل، والمعترض لا مذهب له.

(٢) في نسخة: وهي أما.


[١] لعل ذلك لأنه يجوز أن يكون علة مستقلة لبعض الأصول فيما لو لم يوجد فيه مانع من الاستقلال، والله أعلم. (حسن بن يحيى).

[٢] في شرح المختصر للجلال: الذي جعل العلة فيه وصف المعارضة.