[فصل: في الاعتراضات]
  (ولا) يكفي في إثبات استقلال وصف المعلل وإبطال وصف المعارضة بيان (ضعف الحكمة) فيه (مع تسليم المظنة) نحو: الردة علة القتل، فيعارض بأنها العلة مع الرجولية؛ لأنها مظنة الإقدام على قتال المسلمين، فيجاب بأن الرجولية لا تعتبر وإن كانت مظنة للإقدام، وإلا لم يقتل مقطوع اليدين؛ إذ احتماله فيه أضعف منه في النساء، فهذا جواب لا يقبل من المعلل؛ لتسليمه أن الرجولية مظنة معتبرة شرعاً(١)، فإن ترفه الملك في السفر لا يمنع رخصته؛ لأن مقدار الحكمة غير مضبوطة.
  (ولا) يكفي المستدل أيضاً (الترجيح(٢)) لوصفه بوجه من وجوه الترجيح جواباً عن المعارضة كما ظن؛ إذ لا تدفع أولوية استقلال وصفه احتمال الجزئية،
(قوله): «ضعف الحكمة فيه» أي: في وصف المعارضة.
(قوله): «مظنة الإقدام ... إلخ» إذ يعتاد ذلك من الرجال دون النساء.
(قوله): «إذ احتماله» أي: الإقدام «فيه» أي: في مقطوع اليدين «أضعف» فضعفت الحكمة فيه، وهي الزجر عن الإقدام على قتال المسلمين.
(قوله): «ولا الترجيح بكون وصفه متعديا» الظاهر أن هذا داخل في قوله: ولا الترجيح لوصفه بوجه من وجوه الترجيح، ولعل هذا من عطف الخاص على العام.
(قوله): «أولوية» فاعل لا يدفع، واحتمال مفعوله، يعني أن هذا الترجيح إنما يدل على أن استقلال وصفه أولى من استقلال وصف المعارض؛ إذ لا يعلل بالمرجوح مع وجود الراجح، لكن احتمال كون وصف المعارض جزءاً من علة المستدل باق. وقوله: «ولا بعد في ترجيح بعض الأجزاء ... إلخ» يعني إذا كان احتمال الجزئية باقياً فالترجيح كما يحصل في العلل المستقلة يحصل أيضاً في الأجزاء؛ إذ لا بعد في ترجيح بعض الأجزاء على بعض، وإذا كان كذلك جاء التحكم في ترجيح وصف المستدل على وصف المعترض، هذا مقتضى كلام شرح المختصر، وفي دلالة العبارة عليه خفاء.
(١) وتخلف المئنة عن المظنة لا يضر كما لا يضر تخلف المشقة في سفر المترفه عن السفر. (جلال).
(٢) وإنما لا يكفي للتمسك في إبطال وصف المعارض أحد هذين الوجهين لاحتمال الجزئية؛ بأن يكون وصف المستدل جزءاً من وصف المعارض، وحينئذ للمعارض أن يقول للمستدل: وصفك وإن كان راجحاً على وصفي بإحدى الطرق التي ذكرت أو بأنه متعد إلا أن وصفي أيضاً راجح من جهة أخرى، وهي أنه لو عمل بوصفي لزم منه العمل بكلا الوصفين؛ إذ الكل مستلزم للجزء، وإن عمل بوصفك لزم إلغاء وصفي بالكلية، والجمع بين الدليلين أولى، وإذا كان العمل بكل من وصفي المستدل والمعترض يرجح من وجه فيجيء التحكم لو عمل بأحدهما دون الآخر. واختلف في أن الأصل المقيس عليه في قياس المستدل هل يجوز أن يكون متعدداً أم لا؟ والصحيح جواز تعدد الأصول. (نيسابوري).