[فصل: في الاعتراضات]
  ولا بعد في ترجيح بعض الأجزاء على بعض، فإن القتل في العلية أقوى من العمد والعدوان(١)، ولا الترجيح بكون وصفه متعدياً؛ للاتفاق على التعليل بالمتعدية والاتساع، وكون الآخر قاصراً لا اتفاق عليه ولا اتساع، وهذا كله (إن لم يدع المعترض استقلال وصفه) وإلا كان الترجيح مبطلاً لوصفه، وهو ظاهر.
  وهل يجب على المعلل الاكتفاء بأصل واحد؟ قيل بوجوبه؛ لحصول الظن به، فالزيادة لغو (والصحيح جواز تعدد الأصول)(٢) لأن الظن يقوى به، والتقوية مقصودة (و) بعد تعدده اختلف (في اقتصار المعارض على) أصل (واحد) على
(قوله): «للاتفاق» علة للترجيح، وقوله: «والاتساع» عطف على الاتفاق، يعني أن اعتبار المتعدية يوجب الاتساع في الأحكام، وقوله: «وكون الآخر قاصراً» عطف على كون وصفه متعدياً. واعلم أن المؤلف # لم يتعرض للوجه في عدم صحة الترجيح بالتعدي، وهو مبني على احتمال الجزئية، وسيأتي بيان ذلك قريباً إن شاء الله تعالى، وأما ما ذكره في شرح المختصر من أنه لا ترجيح للمتعدية على القاصرة لأن لكل من المتعدية والقاصرة رجحاناً في وجه فلا يصلح وجهاً لعدم تعرض المؤلف # للوجه المذكور؛ لأن ما ذكر في شرح المختصر مبني على فرض استقلال وصف المستدل وصحة الترجيح، يعني لو صح استقلال وصفه وتم الترجيح بالتعدي فهو معارض بترجيح القاصرة أيضاً، وكلام المؤلف # مبني على احتمال الجزئية.
(قوله): «وهذا كله» أي: الترجيح بأي وجه سواء كان بالتعدي أو بغيره «إن لم يدع المعترض استقلال وصفه» وبيان ذلك أن الوجه في عدم صحة الترجيح من المستدل لوصفه هو احتمال الجزئية، فيجيء التحكم في الحكم باستقلال وصفه دون جزئه مع أنه لا بعد في ترجيح بعض الأجزاء كما عرفت، هذا حاصل ما في شرح المختصر، وقد اعترضه السعد بأن احتمال الجزئية المبني عليه عدم صحة الترجيح إنما يكون إذا لم يدع المعترض استقلال وصفه، والمؤلف # اعتمد ما ذكره السعد، ولكن ما ذكره مبني على أن الوجه في عدم صحة الترجيح من المستدل هو احتمال الجزئية اللازم منه التحكم، ولم يتعرض لاحتمال الجزئية في الطرف الآخر وهو الترجيح بالتعدي، وإلا لذكر التحكم في الطرفين معاً، فلا يخلو المقام عن قصور في تأدية المقصود فتأمل، والله أعلم.
(قوله): «وإلا كان الترجيح مبطلا لوصفه» أي: لوصف المعترض؛ لعدم احتمال كونه جزءاً من العلة.
(قوله): «فالزيادة لغو» فلا يجوز تعدد الأصول.
(قوله): «والصحيح جواز تعدد الأصول» يعني قد اختلف في جواز تعدد الأصول بمعنى أن المستدل هل له إلحاق الفرع بجميع الأصول؟ والصحيح جوازه.
(١) في المطبوع: من العمد العدوان.
(٢) المقيس عليها. (غاية الوصول).