هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل: في الاعتراضات]

صفحة 539 - الجزء 3

  فكان لازماً لها، وإذا انتفى اللازم انتفى⁣(⁣١) الملزوم، وقد أجاب الحنفية عن هذا الاعتراض بأن خيار الرؤية حكم آخر اجتمع مع الصحة على جهة الاتفاق، فلا يكون لازماً، فلا يستلزم نفيه نفيها؛ لأن شرط الاستثنائي كون الشرطية فيه لزومية كما تقدم.

  قيل⁣(⁣٢): هو قائل بهما⁣(⁣٣)، فبين بطلان أحدهما⁣(⁣٤) وثبوت الآخر منع الجمع،


(قوله): «وإذا انتفى اللازم» وهو خيار الرؤية «انتفى الملزوم» وهو الصحة.

(قوله): «قيل هو» أي: الحنفي «قائل بهما» أي: بصحة بيع غير المرئي وخيار الرؤية، فتلازما بالنظر إلى مذهبه.

(قوله): «منع الجمع» إذ لا يجتمع في مذهب الحنفي صحة بيع غير المرئي وبطلان خيار الرؤية، والعكس، أعني صحة خيار الرؤية وبطلان بيع المجهول.


(١) يعني: انتفاءه بقياس الشافعي هكذا: لو صح كالنكاح لما ثبت فيه خيار الرؤية كالنكاح؛ لكنه ثبت فيه فلم يكن كالنكاح في الصحة، وهو المطلوب، وبهذا يعلم اختلاف تقرير الشارح للدليل؛ لأن اللازم في دليل الشافعي هو عدم ثبوت الخيار، وانتفاؤه نفس ثبوت الخيار لا نفي الخيار كما هو ظاهر تقرير الشارح، فقد استدل الشافعي بانتفاء اللازم للصحة الذي هو عدم ثبوت الخيار، وحينئذ فحق جواب الحنفي أن يقول: إن عدم ثبوت الخيار في النكاح حكم آخر إلخ؛ لأن الخيار في البيع حكم آخر. (جلال).

(*) لكن هذا ينبني على وجوب مشاركة الفرع للأصل في جميع الأحكام، وهذا غير لازم؛ لجواز كون كل من أحكامه ثابتاً لعلة غير علة الحكم الآخر، والفرع لم يشارك الأصل إلا في علة أحد الأحكام فقط، كما لو أجاب بأن علة الصحة العقد، وعلة نفي خيار الرؤية في المنكوحة الغضاضة عليها في الرد، ولا غضاضة على المبيع في رده فلأي علة يمنع؟ (جلال).

(٢) من جهة الشافعية. (من شرح ابن جحاف).

(٣) حاصله أنه أعاد التقرير الأول بعبارة أخرى، هي أن المتلازمين المتساويين يستثنى نقيض أحدهما لينتج عين الآخر؛ لأن بين نقيض أحدهما وعين الآخر منع الجمع كما علم في المنطق، وبهذا يعلم أن الصواب في الجواب أن يقال: مسلم لو تساويا وكان تلازمهما لعلاقة، وإلا لم يصح منع الجمع بين نقيض أحدهما وعين الآخر، وأما قوله: مسلم لو كانت عنادية فوهم صريح. (جلال).

(٤) أي: الشرطية القائلة بامتناع الاجتماع دون الارتفاع على نحو: هذا إما شجر أو حجر، فاستثناء عين أحدهما يستلزم رفع الآخر، فيستلزم استثناء عين بطلان الرؤية رفع الصحة. (شرح ابن جحاف).