هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل: في الاعتراضات]

صفحة 540 - الجزء 3

  فاستثناء عين بطلان⁣(⁣١) أحدهما يستلزم نقيض ثبوت الآخر.

  قلنا⁣(⁣٢): مسلم لو كانت عنادية، كيف ولو صح⁣(⁣٣) لصح الاستدلال⁣(⁣٤) من بطلان حكم قال به مجتهد على إبطال جميع أحكامه؟ وهو ظاهر البطلان.


(قوله): «فاستثناء عين بطلان أحدهما» بأن يقال مثلا: لو صح بيع غير المرئي لصح خيار الرؤية، لكن لم يصح بيع غير المرئي، فيستلزم عدم صحة خيار الرؤية⁣[⁣١].

(قوله): «مسلم لو كانت» أي: القضية «عنادية» بأن يكون التنافي جمعاً بين بطلان أحدهما وثبوت الآخر في الواقع، وهو باطل؛ إذ التنافي إنما هو لاتفاق قول المعترض بهما.

(قول) كيف ولو صح» أي: ما ذكرتم من أن المعترض إذا كان قائلا بهما⁣[⁣٢] كان بين بطلان أحدهما وثبوت الآخر منع الجمع.

(قوله): «لصح الاستدلال من بطلان حكم ... إلخ» وجه الملازمة في هذه الشرطية⁣[⁣٣] هو اتفاق الأحكام في كون المجتهد قائلاً بها، كصحة بيع غير المرئي وصحة خيار الرؤية في كون الحنفي قائلا بهما.


(١) أي: عين أحدهما؛ لأن البطلان هو عين أحد الجزئين. (السيد محسن الشامي).

(٢) أي: من جهة الحنفية مسلم لو كانت عنادية، لكنها اتفاقية؛ إذ ليس بين الحكمين تضاد حتى يلزم من استثناء عين أحدهما رفع الآخر. (شرح غاية لابن جحاف).

(٣) وقد يقال: إن اللزوم مبني على اعتراف الحنفية أن الصحة تابعة وملزومة لخيار الرؤية، ولولا ثبوته لم يصح بيع الغائب عندهم؛ لقيامه مقامه الرؤية، ولذلك أضيف إليهما، وكيف يتأتى لهم القول بأن الاجتماع اتفاقي وهم مصرحون بأن عدم الرؤية سبب ثبوت خيارها، وانتفاء المسبب مع بقاء سببه يخرج السبب عن حقيقته؟ فيثبت التلازم بينهما وجوداً باعتراف الحنفية، ولقيامه مقام الرؤية في تصحيح بيع الغائب كان لازماً للصحة مثلها على البدل، فيلزم من نفيه مع نفي الرؤية نفيها، ولذلك لا قائل بعدم ثبوت خيار الرؤية مع صحة بيع غير المرئي، ولا كذلك أقوال المجتهد لعدم التلازم بينها، نعم: لو اعترف بتلازمهما لزم ذلك. (من شرح ابن جحاف).

(٤) وهو أيضاً مبني على صحة الملازمة القائلة: لو كان مجتهداً لما بطل حكمه، وهي ظاهرة المنع، فإنه لا تلازم ولا اتفاق بين الاجتهاد وعدم بطلان مطلق الحكم، على أن حق العبارة أن يقال: على إبطال اجتهاده لا إبطال جميع أحكامه، فإن الاتفاق إنما كان بين البطلان والاجتهاد لا بين البطلان وجميع الأحكام. (جلال).


[١] أي: فيرتفعان جميعاً.

[٢] أي: بصحة بيع غير المرئي وصحة خيار الرؤية اهـ منه.

[٣] أعني قول المؤلف: لو صح لصح اهـ منه.