[الخلاف في تعبده ÷ قبل البعثة بشرع]
  الوحي وإنه لواقف على بعير له بعرفات مع الناس من بين قومه حتى يدفع معهم منها، قال جبير بن مطعم حين رآه واقفاً بعرفة مع الناس: هذا رجل أحمس فما باله لا يقف مع الحمس حيث يقفون(١)؟ وحل الركوب إنما طريقه الشرع(٢).
  قالوا: تعبده ÷ بشرع يستلزم مخالطته لأهل ذلك الشرع للأخذ عنهم، ومن تتبع كتب السير علم انتفاءها فينتفي الملزوم (و) أجيب بأن (استلزام التعبد المخالطة ممنوع في المتواتر) لحصول التواتر من دونها (و) هي (غير مفيدة في غيره) كالآحاد(٣)؛ لأنا لا ندعي تعبده إلا بما علم شرعيته، والآحاد لا تفيد علماً.
(قوله): «وحل الركوب إنما طريقه الشرع» فيندفع بهذا ما ذكره أصحابنا من أن العقل يستحسن تحميلها المشقة إذا قوبلت بنفع يجبرها ويزيد، قال في القسطاس: ولأن المعلوم من حال الرسول ÷ فعل ذلك لا لنفعها، بل لمجرد[١] الرفاهية من السير وغير ذلك مما[٢] يعود نفعه إليه، وقد كانت له قبل البعثة تجارات وأسفار يركب فيها الحيوانات لأغراضه الخاصة، وهذا أمر ظاهر لا يدفع.
(١) قال في الكشاف: وذلك لما كان عليه الحمس من الترفع على الناس والتعالي عليهم وتعظمهم عن أن يساووهم في الموقف، وقولهم: نحن أهل الله وقطان حرمه فلا نخرج منه، فيقفون بجمع وسائر الناس بعرفات. اهـ في القاموس: وقطن فلاناً: خدمه، فهو قاطن، جمعه قطان. اهـ وجمع بلا لام المزدلفة. (منه).
(٢) تبع العضد الذي ينفي حكم العقل، قال في القسطاس: ولأن المعلوم إلى آخر ما في سيلان. (عن خط العلامة عبدالقادر).
(٣) لأنها إنما أفادت في هذه الأمة لإجماع الصحابة على العمل بها، ولم يكن للإجماع صحة قبل ذلك. (جلال مع تصرف يسير).
[١] لفظ القسطاس: لا لنفعها المجرد بل للرفاهية.
[٢] في المطبوع: فيما يعود. والمثبت من القسطاس.