هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الخلاف في تعبده ÷ وتعبد أمته بعد البعثة بشرع من قبله]

صفحة 562 - الجزء 3

  لا يقال: هذه العمومات مخصوص عنها⁣(⁣١) لثبوت نسخ البعض قطعاً، فتختص بالعقائد جمعاً⁣(⁣٢) بين الأدلة؛ لأنا نقول: النسخ مبين لمدة ما انتهت مدته، فالمنسوخ خارج عن الأصل بالدليل، ويكفي فيه تبديل حكم ما، فيبقى الباقي على الظاهر، وهو الموافقة في سائر الأحكام.


(قوله): «لا يقال ... إلخ» حاصل هذا الاعتراض أن الآيات المذكورة لا يتم بها الجواب؛ لأن المراد بها العقائد لا العمليات التي هي محل النزاع؛ لأنها «عمومات مخصوص عنها» أي: مخرج عنها أحكام منسوخة «لثبوت نسخ البعض قطعاً» كالتوجه إلى بيت المقدس وصوم عاشوراء ونحو ذلك مما يكثر «فتخص» هذه العمومات «بالعقائد جمعاً بين الأدلة» الدالة على نسخ تلك الأحكام المخرجة وهذه العمومات، هذا مقتضى ظاهر العبارة، لكن لا يخفى أن هذا الاعتراض غير متوجه من أصله؛ فإن هذه العمومات إذا كانت مخصوصاً عنها فالجمع حاصل بدون تخصيصها بالعقائد؛ إذ يكفي في الجمع بقاء البعض الذي لم ينسخ من العمليات داخلاً في هذه العمومات فإن بعض الفروع لم ينسخ قطعاً كالقصاص وحد الزنا ونحو ذلك، ولو قرر المؤلف # الاعتراض⁣[⁣١] بغير ما ذكر - وهو أن هذه العمومات مختصة بالعقائد جمعاً بين أدلة المانعين للتعبد بشرع من قبلنا مطلقا وبين هذه العمومات - لكان الاعتراض متوجهاً، وما أحسن ما ذكره الإمام المهدي # في المنهاج، فإنه استدل بهذه الآيات لمن أثبت التعبد بكل ما لم ينسخ، وأجاب بان الأدلة لما قامت على المنع من التعبد بشرع من قبله ÷ وجب حمل هذه الآيات على ما يوافق تلك الأدلة، فيكون المراد أمره ÷ بمطابقة اعتقاداته ÷ لاعتقاد الأنبياء $ في التوحيد والعدل وفيما أخبروا به من البعث والنشور، إلى آخر كلامه.

(قوله): «مخصوص عنها لثبوت نسخ البعض قطعاً» كالتوجه إلى بيت المقدس وصوم عاشوراء ونحو ذلك مما يكثر تعداده، ولعل المؤلف # أطلق التخصيص هنا على النسخ مجازاً في قوله: مخصوص عنها ... إلخ؛ وذلك لمشابهة النسخ هنا للتخصيص صورة.

(قوله): «النسخ مبين لمدة ما انتهت مدته» لأن النسخ تخصيص في الأزمان، فلا رفع فيه لحكم أصلا، وحينئذ فلا يحتاج إلى الجمع بين الأدلة بتخصيص هذه العمومات بالعقائد؛ إذ المنسوخ خارج عن الأصل، أي: عن العمومات المذكورة؛ لأن النسخ مبين لانتهاء العمل بها فلا معارضة.

(قوله): «ويكفي فيه» أي: يكفي في نسخ ما انتهت مدته تبديله بحكم ما ولو من أحكام شريعتنا من غير أن يتوقف نسخه على أن يكون الحكم مرفوعاً، لكن هذا مبني على اشتراط كون النسخ إلى بدل، وقد سبق أنه غير شرط.

(قوله): «فيبقى الباقي» يعني من الأحكام التي تنسخ «على الظاهر وهو الموافقة» لهذه الشريعة «في سائر الأحكام» ينظر في وجه توقف الجواب على زيادة هذا الكلام وفي معناه، والله أعلم.


(١) أي: مخرج عنها أحكام منسوخة كالتوجه إلخ سيلان.

(٢) يقال: الجمع حاصل من غير اختصاصها بالعقائد فتأمل، ولو أجاب بذلك المؤلف لكان أولى.


[١] (قوله): «ولو قرر المؤلف # الاعتراض ... إلى قوله: متوجها» هذا هو الذي تعطيه عبارة المؤلف، فتأمل في كلام المحشي. (ح عن خط شيخه).