[مسألة: في الخلاف في تعبد النبي ÷ بالاجتهاد]
[مسألة: في الخلاف في تعبد النبي ÷ بالاجتهاد]
  (مسألة): لا خلاف أن النبي ÷ يجوز له الاجتهاد في الآراء الدنيوية والحروب دون أحكام الدين إلا ما يروى عن الجبائي وابنه، والأصح عنهما خلافه، واختلف (في تعبده عليه الصلاة والسلام بالاجتهاد) فيما لا نص فيه من الأحكام الشرعية على قولين: أحدهما: (الجواز) وهو قول أبي طالب وأبي عبدالله البصري والشيخ الحسن والمنصور بالله وغيرهم.
  (و) ثانيهما: (المنع) عقلاً، حكاه في الفصول عن بعض أئمتنا والشيخين وأبي عبدالله البصري، وفي هذه الحكاية نظر، فإن أبا طالب صرح في المجزي أن مذهب الشيخين وأبي عبدالله البصري جوازه عقلاً (وعلى الجواز الوقوع وعدمه والوقف) يعني: أنه اختلف القائلون بالجواز - وهم أكثر الناس - في وقوع تعبده ÷ بالاجتهاد في الأحكام الدينية، فقال الشافعي وأبو يوسف بثبوته، وارتضاه ابن الحاجب، وقال أبو طالب وأبو عبدالله البصري والشيخان وأكثر المعتزلة بأنه لم يقع، وذهب القاضي عبدالجبار وأبو الحسين إلى التوقف، وارتضاه الإمام يحيى بن حمزة #، وعزاه إلى أكثر علماء الأصول.
  احتج أهل (الجواز)(١) بأنه (لا يمتنع تعلق المصلحة به عقلاً) فيكون
(قوله): «في الآراء الدنيوية والحروب» كرأيه يوم بدر في أن يكون وقوفهم في موضع كذا فروجع وانتقل من ذلك الوضع، وكرأيه في أن يصالح المشركين عام الأحزاب ببعض ثمار المدينة على أن يرجعوا ثم رجع عن ذلك، وكرأيه في عدم تأبير النخل ثم رجع عن ذلك حين لم يثمر، وكل ذلك مستوفى في موضعه، ولم يذكر المؤلف # فصل الخصومات مع أنه سيأتي في آخر البحث أن فصل الخصومات كالآراء والحروب.
(قوله): «إلا ما يروى عن الجبائي وابنه» أبي هاشم، فإنه قد روي عنهما الخلاف في الآراء والحروب، وفي كلام السعد ما يشعر بثبوت الخلاف فيهما.
(قوله): «وذهب القاضي عبدالجبار وأبو الحسين إلى التوقف» وإيراد المؤلف # لأدلة سائر المذاهب والرد عليها يشعر بأنه يختار هذا القول.
(١) وذكر القرافي أن محل الخلاف في الفتوى دون القضاء، فيجوز فيه قطعاً، وتبعه[١] غير واحد، ويشهد له ما في سنن أبي داود عن أم سلمة ^ قالت: أتى رسول الله ÷ رجلان يختصمان في مواريث وأشياء قد درست فقال: «إنما أقضي بينكم برأيي فيما لم ينزل عليَّ فيه». (شرح أبي زرعة على الجمع).
[١] في المطبوع: ومنعه. والمثبت من شرح أبي زرعة على الجمع.