هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: في جواز الاجتهاد من الصحابة في عصر النبي ÷]

صفحة 579 - الجزء 3

[مسألة: في جواز الاجتهاد من الصحابة في عصر النبي ÷]

  (مسألة)⁣(⁣١) اختلف (في) جواز (الاجتهاد) من الصحابة ¤ (عصره عليه الصلاة والسلام) على أقوال، منها: (الجواز) عقلاً، وهو مذهب جمهور الفقهاء والمتكلمين.

  (و) منها: (المنع مطلقاً) في الحاضر والغائب، ومع الإذن وعدمه، وهذا مذهب الأقل.

  (و) منها: المنع (في الحاضر) دون الغائب، وهذا مذهب أبي علي وأبي هاشم وغيرهما، رواه عنهم أبو طالب #.

  (و) منها: المنع عنه (بلا إذن) والجواز مع الإذن، ذكره في المنتهى.

  (و) اختلف (على الجواز) في الوقوع على أقوال، منها: (الوقوع) حاضراً وغائباً عند الأكثرين (و) منها: (عدمه مطلقاً) عند أبي علي وأبي هاشم في رواية الأكثر (و) منها: عدم الوقوع (في الحاضر مطلقاً) يعني: بإذن وبغير إذن (و) منها: عدم الوقوع (بلا إذن) منه ÷ والوقوع معه (وهو المختار) عند


(قوله): «عند الأكثرين» واعتمده ابن الحاجب.

(قوله): «في رواية الأكثر» إذ قد تقدم أنهما منعا الجواز في حق الحاضر، وأيضاً سيأتي رواية الوقف عنهما، فالمحكي عنهما ثلاث روايات.

(قوله): «والوقوع معه» أي: مع الإذن في الحاضر والغائب كما يدل عليه قوله # فيما يأتي: القائل بوقوعه مع الإذن غيبة وحضوراً، والمراد بالإذن صريحاً، قيل: أو غير صريح بأن سكت عما سأل عنه أو وقع منه. ولم يستدل المؤلف # لمنع الوقوع مع عدم الإذن، وكأنه للاستغناء بما ذكر في دليل الثالث، وكذا لم يستدل للواقف مطلقاً ولمن قال به في الحاضر، ولعله لظهوره، قال في شرح الجمع: والخوض في هذه المسألة قليل الجدوى لا ثمرة له في الفقه، واعترض بأن في الفقه ما يبتني عليها، وقد ذكره في شرح الجمع، فخذه منه إن شاء الله تعالى.


(١) قيل هذه المسألة لا فائدة في ذكرها: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ}⁣[البقرة: ١٣٤]، قال المحلي في شرح الجمع: لا ثمرة لها في الفقه. اهـ لكن يقال: فيها فائدة عظيمة في أحاديث، منها حديث ابن عباس: أقبلت راكباً على أتان وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله ÷ يصلي بالناس بمنى إلى غير جدار، فمررت بين يدي بعض الصف، فنزلت وأرسلت الأتان ترتع فدخلت في الصف، فلم ينكر ذلك علي أحد، رواه الستة، إن قلنا بجواز الاجتهاد في عصره ÷ كان حكمهم بعدم قطع الحمار الصلاة اجتهاداً، ولا يلزمنا العمل بمذهب الصحابي، وإن منعنا الاجتهاد كان توقيفاً وله حكم الرفع. (عن خط السيد العلامة عبدالقادر بن أحمد).