هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: في جواز الاجتهاد من الصحابة في عصر النبي ÷]

صفحة 580 - الجزء 3

  أبي طالب # والفصول وغيرهما (و) منها: (الوقف) في الوقوع وعدمه (مطلقاً)⁣(⁣١) يعني: في الحاضر والغائب، وهو مذهب أبي علي وابنه في رواية أبي طالب وأبي الحسين والآمدي (و) منها: الوقف (في الحاضر) عنده ÷ والقطع بالوقوع من الغائب؛ لحديث معاذ المتلقى بالقبول، وهو مذهب القاضي عبدالجبار.

  (الجواز لما تقدم) من أنه لا مانع من تعلق المصلحة به عقلاً، و (المنع للتمكن من العلم) بالرجوع إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، والاجتهاد إنما يحصل به الظن، ولا يصار إليه إلا مع تعذر العلم (ورد بالمنع) فإن إخبار النبي ÷ غير مقدور لهم، لا يقال: يجب عليه الإخبار إذا سألوه، ففرضهم السؤال، وهو مقدور قطعاً؛ لأنه يقال: إذا كانت المصلحة في أن يعمل المكلفون


(قوله): «والفصول» الذي في الفصول اختيار وقوعه في حق الغائب مطلقا، وفي الحاضر اختيار جوازه إن أذن له ÷، ولم يذكر اختيار وقوعه مع الإذن.

(قوله): «يعني في الحاضر والغائب» قال في شرح الجمع: ينظر هل المراد الغيبة عن مجلسه ÷ أو عن البلد التي هو فيها أو إلى مسافة القصر فما فوقها أو إلى مسافة يشق معها الارتحال للسؤال عن النص عند كل نازلة؟ لم أر في ذلك نقلا، وهو محتمل انتهى. وفي الفصول: قال الشيخ الحسن: الحاضر من في مجلسه ÷ أو من يمكنه مراجعته في الحادثة قبل فوت وقتها؛ إذ ذلك هو الحاضر عرفاً، والغائب بخلافه، وقال المنصور بالله: الغائب من في البريد، والحاضر من دونه؛ وذلك لأن البريد هو الذي يثبت به حكم الغيبة⁣[⁣١] ويطلق على من كان فيه اسم السفر.

(قوله): «في رواية أبي طالب» قد تقدم أن أبا طالب روى عنهما منع الجواز في الحاضر، فروايته الوقف عنهما مطلقا فرع الجواز.

(قوله): «وأبي الحسين» الظاهر أنه عطف على أبي علي.

(قوله): «لحديث معاذ» قد جعل المؤلف # حديث معاذ هنا حجة للوقوع، وكذا فيما يأتي، وهو إنما يصلح دليلا على الجواز، وكذا خبر أبي موسى المذكور فيما يأتي، والأولى الاستدلال بخبر عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل وتيممه لخشية الهلاك من الماء وقرره النبي ÷، والقصة معروفة.


(١) حجة القائل بالوقف مطلقاً وفي الحاضر تعارض الأدلة فوجب الوقف. (من شرح ابن جحاف).


[١] في المطبوع: إذ هو الذي يثبت له حكم الغيبة. والمثبت من شرحي الفصول لسيد صلاح والشيخ لطف الله.