هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[تعريف الاجتهاد]

صفحة 590 - الجزء 3

  ثابتاً قبل الاجتهاد، بيان ذلك: أن المجتهد طالب، والطالب لا بد له من مطلوب متقدم في الوجود على وجود الطلب، فلا بد من ثبوت حكم قبل ثبوت الطلب، وإذا كان كذلك كان مخالف ذلك الحكم مخطئاً.

  (قيل: المطلوب الظن) ومثاله من كان على ساحل البحر فقيل له: إن غلب على ظنك السلامة أبيح لك الركوب، وإن غلب على ظنك العطب حرم، وقبل حصول الظن لا حكم لله عليك.

  (قلنا: له متعلق) يتوقف عليه، والمثال ليس مما نحن فيه؛ لأن متعلق الظن هو الحكم الشرعي، بمعنى أن المجتهد يظن أن حكم الله في هذه الواقعة هذا دون هذا، وهذا معلوم ضرورة، وإنكاره مكابرة، فإن المجتهد لا يطلب الظن كيف كان، وإنما يطلب ظناً صادراً عن أمارة، ووجود الأمارة متوقف على وجود مدلولها، فلو كان وجود المدلول متوقفاً على حصول الظن لزم الدور.

  (قيل:) متعلق الظن (هو الأنسب بالاعتبار) المعهود من الشارع والأليق بالأصول.

  (قلنا:) هذا (ينفي مخالف القياس) من الاجتهادات الصادرة عن الأمارات الظنية، ولا خلاف في جوازها.

  (قيل:) متعلق الظن (هو الدليل) لا المدلول.


(قوله): «كيف كان» يعني وإن لم يتوقف الظن على متعلق متقدم.

(قوله): «ووجود الإمارة متوقف على وجود مدلولها» وهو الحكم فيتقدم مدلولها على الظن كما هو المدعى.

(قوله): «فلو كان وجود المدلول متوقفاً على حصول الظن» يعني كما هو مذهب أهل التصويب لأن الحكم عندهم متأخر عن الظن.

(قوله): «لزم الدور» لتوقف كل منهما على الآخر.

(قوله): «قيل متعلق الظن هو الأنسب بالاعتبار ... إلخ» اعلم أن شارح المختصر أورد من قبل القائل بالتخطئة سؤالاً، وهو قوله: فإن قلت: أليس متعلق ظنه كون مطلوبه حكم الله، فهو يطلب تعيينه هو الوجوب أو الندب أو الإباحة فكيف يمكن طلب التعيين مع الجزم بأن لا حكم لله تعالى في الواقعة؟ ثم أجاب من جانب القائل بالتصويب بمنع جعل المتعلق كونه حكم الله تعالى، بل ما هو الأليق بالأصول الشرعية والأنسب بما عهد من الشارع اعتباره، فقوله #: قيل: هو الأنسب بالاعتبار =